لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
49732 مشاهدة
(فصل في إثبات صفة الكلام)

ص (ومن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم، يسمعه منه من شاء من خلقه. سمعه موسى عليه السلام منه من غير واسطة، ومن أذن له من ملائكته ورسله، وأنه سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة ويكلمونه، ويأذن لهم فيزورونه، قال الله تعالى وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء]- وقال سبحانه: يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي [الأعراف]- وقال سبحانه: مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ [البقرة]- وقال سبحانه: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى].


س 32 (أ) ما تقول في صفة الكلام لله. (ب) وما معنى كون كلامه قديما. (جـ) وكيف كلم الله موسى. (د) وما الدليل على أنه يكلم الناس في الآخرة (هـ) وماذا يؤخذ من قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا ؟
ج 32 (أ) مسألة إنكار الكلام من أقدم ما أحدثه المبتدعة، وقد بالغ السلف في إثبات صفة الكلام لله وبينوا بطلان أقوال النفاة من الجهمية ونحوهم، وأثبتوا أن الله تعالى متكلم ويتكلم إذا شاء بكلام يسمعه منه من شاء، وبينوا أن صفة الكلام صفة مدح، وأن سلبها نقص وعيب وهو الخرس، وقد عاب الله عِجل بني إسرائيل بقوله أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ [الأعراف].
(ب) وعند أهل السنة أن كلام الله قديم النوع، متجدد الآحاد، ومعنى كونه قديم النوع أن جنسه قديم، فالله تعالى متصف في الأزل بكونه متكلما، فإن الله بجميع صفاته ليس بحادث، ولكنه لا يزال يتجدد ويحدث له كلام إذا شاء، وصفة الكلام من الصفات الفعلية الملازمة للذات متى شاء.
(ج) وقد ذكر الله أنه كلم موسى تكليما، ولهذا يسمى موسى كليم الرحمن، ولا يشك أهل السنة أن موسى عليه السلام سمع كلام الله حقيقة، لا بواسطة ملك، ولا مترجم، بل منه إليه، لأن الله قال له إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا - [طه]- ولا يصح أن يقول هذا مخلوق، فتحقق أنه عين كلام الله الذي سمعه موسى وقال تعالى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي أي اخترتك وخصصتك بإرسالي لك إلى فرعون وإلى قومك من بني إسرائيل، وبتكليمي لك كلاما مني إليك، ثم إن قوله: مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ يراد به موسى وقد حاول بعض الجهمية من بعض القراء أن يقرأها بنصب الجلالة، حتى يكون موسى هو الفاعل لينفي عن الله أنه هو المتكلم، ولكن أورد عليه قوله تعالى وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ - [الأعراف] فهي صريحة في أن الرب هو الفاعل. وقد تكلف الجهمية وغيرهم من نفاة الكلام تأويل هذه الآيات، حتى فسر بعضهم قوله تعالى وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا بقوله: المراد جرحه بأظافير الحكمة. لأن الكلم الجرح في اللغة. وهذا تحريف للكلم عن مواضعه، يرده توارد المعنى بألفاظ كثيرة يفهم منها صريح الكلام. ويرده قوله تعالى بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي ولم يقل (بكلمي) بإسكان اللام حتى يفسر بالجرح، ويرده آيات النداء كما يأتي بعضها قريبا إن شاء الله وكذا آيات القول والحديث ونحوها- والله تعالى يكلم من أراد من خلقه، فيكلم جبريل من وحيه بما أراد، وكلم محمدا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، كما يأتي في الأحاديث.
(د) وأما تكليمه للناس في الآخرة فدليله قوله عليه الصلاة والسلام ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان وكذا الأحاديث الكثيرة في نعيم أهل الجنة، وأن منه زيارتهم لربهم، وكلامه لهم، وسؤالهم منه الرضا... إلخ، وهي أحاديث متداولة بين الأمة، مروية في أمهات الكتب، وفيها التصريح بأنهم يسمعون كلام الله حقيقة كما شاء.
(هـ) أما قوله وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا ففيها أنه تعالى لا يكلم في الدنيا أحدا من البشر مقابلة، ولا يتمكن أحد منهم من رؤيته، لاتصافه تعالى بالعلو، والكبرياء والعظمة، ولضعف تركيب البشر عن الاستقرار والثبوت لذلك ثم أخبر أنه ينزل الوحي والشرع على من اختاره لذلك، بواسطة الملك، أو يلهمه ويلقيه في روعه، وقد يكلم البعض من وراء حجاب كما كلم موسى، وقد يرسل رسولا من الملائكة فيكلم الرسول البشري بما أرسله الله به.