إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح كتاب الآجرومية
100632 مشاهدة
القيد الثاني: التركيب

وأما التركيب، فإنه في اللغة: وضع شيء على شيء، يكون راكبا عليه، فهذه الطاولة مثلا رُكِّب عليها هذا الجهاز، فيُسَمَّى تركيبا، يعني: أنه شيء وضع على شيء، فصار راكبا عليه، ومنه سُمِّيَ ركوب الدواب؛ لأنه إنسان يركب على رَحْلٍ، والرحل على دابة أو سيارة أو نحوها، ركوب شيء على شيء يعني: عُلُوَّهُ واستواءه عليه، ومنه قوله تعالى: فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ يعني: في الإبل، فالتركيب: وضع شيء على شيء، إذا وضعت لبنة على لبنة فقد رَكَّبْتَ هذه على هذه، أو ما أشبهها.
التركيب في الاصطلاح: ما تَرَكَّبَ من كلمتين فصاعدًا، أفاد أولم يفد، يعني: الكلمات التي تتعاقب، ويكون بعضها فوق بعض، وأقلها كلمتان، لفظتان.
والكلمة عند النحويين: قَوْلٌ مفرد، وعند العرب: جُمْلَةٌ من الكلام لها معنى، فاللفظة التي أرادها النحويون هي: اللَّفْظَةُ التي تُكْتَبُ مُتَمَيِّزَةً عن غيرها، فإذا قلنا مثلًا: دَخَلَ رجلٌ، فإنها كلمتان؛ ولهذا تكتب (دَخَلَ) منفردةً عن (رَجَل)، ولا تُلْصَقُ اللام في الراء؛ لأن هذه كلمة وهذه كلمة، فهذا تركيب، أوْ مثلا: إذا قلنا: حَفِظَ جُزْءًا مِنَ الْقُرْآنِ، هذه أربع كلمات، (حفظ) الظاء لا تلتصق بالجيم في (جزءا) فدل على أن كل واحدة منهما كلمة، فإذا كان اللفظ متركبا من كلمتين فإنه مركب، هذا هو التركيب.