من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح كتاب الآجرومية
100554 مشاهدة
القيد الأول: اللفظ

فأولها: اللفظ: اللفظ في اللغة -يعني عند العرب- اسم للطَّرْح والرَّمْي، ومنه قولهم: أكلت التمرة، ولفظت النواة، أي: طرحتها، نواة التمر التي في وسطها لا تؤكل، أكَلَ التمرة ولفظ نواتها، أطلق على هذا لفظًا، ويُقَال مثلا: فلان مضغ اللحم ثم لَفَظَه، يعني: طرحه من فمه، فاللفظ هو: الطَّرْحُ، ومنه أيضا قولهم: لَفَظَتِ الرَّحَى الدقيق، الرَّحى: التي يُطْحَنُ عليها، يدخل فيها الْحَبُّ- الْبُرُّ حَبًّا- ثم تلفظه دقيقا، فيُسَمَّى هذا لفظا، هذا اللفظ عند العرب، في لغة العرب.
ولكنِ النحويون أرادوا باللفظ هو: الكلمات التي تخرج من الفم: الكلام الذي هو الحروف، جعل الله له مخارج، هذا الفم يخرج منه ثمانية وعشرون حرفا، وهي التي يتكلم بها الناس، فيقولون: اللفظ: هو الصوت الخارج من الفم، يدفعه النَّفَسُ, المشتملُ على بعض الحروف الهجائية، التي أولها الألف، وآخرها الياء.
الصوت المشتمل على الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء، يعني: التي اصطلحوا على كتابتها وبدءوها بالألف، وختموها بالياء اصطلاحا، وهي الثمانية والعشرون حرفا التي أحصوها وصار الكلام منحصرًا فيها، وكل منها له مخرجٌ، بعضها يخرج من الشفتين، كالباء والميم والواو والفاء، وبعضها من اللسان: كاللام والدال والثاء ونحوها، وبعضها من الْحَلْق: حروف الحلق الستة وأشباهها، فهذه الحروف إذا اشتمل الكلام على بعضها سُمِّي لفظا.