تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
54432 مشاهدة
رد شهادة القاذف

...............................................................................


وأما الحد الثاني؛ فهو رد الشهادة. وهو أن ترد شهادته؛ فلا تقبل شهادته في أمر من الأمور عند الحاكم؛ لأن الله قال: وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا قيل: إن هذا خاص بمثل هذا؛ أي: لا تقبلوا شهادتهم بالرمي أبدا، وتقبل شهادتهم في غير ذلك.
والقول الثاني: أن شهادتهم لا تقبل في الدعاوي ولا في الخصومات ولا في المنازعات ولا في غيرها؛ لا تقبل لهم شهادة ؛ وذلك من باب التنكيل لهم، ومن باب الزجر لهم، ولو ظن في الأمر صدقهم؛ حتى لا يتجرءوا على مثل هذا. قد يظهر أنهم صادقون ببعض القرائن، وقد يقول قائل: ما الدافع لهم إلى هذه التهمة وإلى هذا الرمي؟. ليس لهم مصلحة في ذلك؛ لو كانوا كاذبين ما تعرضوا لهذه التهمة، ولا تعرضوا لهذا الحد ولهذه العقوبة، فيغلب على الظن صدقهم.
فالجواب: أن ذلك حرصا على الستر؛ ستر نساء المؤمنين؛ سيما إذا كن من ذوات الدين، ذوات الشهرة والمكانة والإحصان والفضل والستر لأنفسهن؛ فمن باب الستر عليهن والزجر عن قذفهن وعيبهن وتهمتهن حصلت هذه العقوبة.