إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
89924 مشاهدة print word pdf
line-top
الجمع بين الجلد والرجم

...............................................................................


ثم اختلف هل مع الرجم جلد أم لا؟ فروي أن عليا رضي الله عنه رجم امرأة زنت يقال لها شراحة جلدها في يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أي جمع بين الجلد والرجم. واستدل الذين يرجحون الجمع بحديث عبادة وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم فجمع في هذا بين هاتين العقوبتين، جلد مائة والرجم. ولكن ما ذكر أنه جمع بينهما فيما سبق.
لما أرسل أنيس إلى صاحبة العسيف قال: واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فاعترفت فرجمها ولم يقل اجلدها قبل الرجم، وكذلك لما اعترف الأسلمي الذي هو ماعز لم يأمر بجلده، بل قال: اذهبوا فارجموه فذهبوا فرجموه وكذلك أيضا اشتهر أنه لما أمر برجم الغامدية ونحوها، لم يجمع بين الحدين، وإنما اقتصر على واحد. اقتصر على الجلد فيما كان بكر، واقتصر على الرجم فيما إذا كان ثيبا. هذا هو الذي عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد اختلف في الترجيح؛ أيهما أرجح الجمع بين الجلد والرجم، أو الاقتصار على الرجم؟ فإن الجمع بينهما ورد في حديث: جلد مائة والرجم وهو حديث ثابت. والاقتصار على الرجم ورد فعلا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالذين يرجحون القول على الفعل رجحوا الجلد، والذين يقولون: إن الفعل دال على الحكم يرجحون الاقتصار. وهذا هو الذي عليه العمل، أن الثيب يرجم فقط. إذا عرف بأنه سيموت؛ فما الفائدة من جلده؟ هو سوف يموت بهذا الرجم فلا فائدة في أنه يجلد، ثم بعد ذلك يرجم هذا الذي عليه العمل.

line-bottom