يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
89620 مشاهدة print word pdf
line-top
ما يثبت به الزنا

...............................................................................


كثر هذا في هذه الأزمنة؛ يعني: فعل فاحشة الزنا؛ وذلك لأن الشرع اشترط في إقامة الحد عليه شروطا منها: الإقرار، وأن يكون ذلك الإقرار متكررا، بحيث يعترف أربع مرات، يشهد على نفسه أربع شهادات. ثم اشترطوا أيضا ألا يتراجع، أن يبقى أيضا على إقراره حتى يتم إقامة الحد عليه.
وإذا لم يكن أو لم يوجد هذا الإقرار، وإنما ثبت بالبينة فلا بد أن البينة يكونون أربعة؛ أربعة شهود؛ لقوله تعالى: فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ولا بد أن هؤلاء الأربعة يصفونه وصفا دقيقا، بأن يقولوا: رأينا ذكره في فرجها، أو رأيناه يزني بها زنا حقيقيا، وهذا قد يكون متعذرا.
ولذلك نقل شيخ الإسلام أنه لم يقم حد من بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمانه ثبت بالشهود، وذلك لما اشترطوه من هذه الشروط وتقييدنا لذلك، ولكن قالوا: إذا وجد الرجل مع المرأة في لحاف واحد، ولو تُحقق أنه يزني بها فلا يجلد الجلد الكامل، وإنما يجلد أقل من الزنا. وكذلك لا يرجمان ولو كانا ثيبين؛ لعدم التثبت والتحقق برؤية الزنا الحقيقي، ولعل ذلك كله من باب الستر على الزاني، ومن باب التحرج عن إقامة الحد بغير بينة واضحة.

line-bottom