إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
تفسير سورة الكهف
49883 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قتل الغلام

ذكر بعد ذلك الغلام: وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا الغلام الذي قتله كان طُبِعَ يوم طبع كافرا، أطلع الله تعالى الخضر على أنه لو عاش لكان كافرا، مع أن قتل الصبيان لا يجوز في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل الصبيان والنساء ؛ يعني: في الحرب؛ لأنهم بعد الاستيلاء عليهم يكونون مماليك أرقاء للمسلمين، ومع ذلك فإن قتله إذا كان لمصلحة جائز، فالخضر أعلمه الله بأن أبوي هذا الغلام صالحان، أمه وأبوه كانا صالحين مؤمنين من أهل التقى، وأنه طبع كافرا، خلقه الله وطبعه على الكفر، ولو عاش لأوقعهما في الكفر، وأرهقهما طغيانا وكفرا، أرهقهما يعني: أوقعهما، رهق الشيء: يعني وصل إليه، أرهقني الشيء: يعني أتعبني، فأوصلني إلى حالة لا أستطيع فيها الصبر، والطغيان: هو مجاوزة الحد. يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا يعني: يوصلهما، ويوقعهما في الطغيان: الذي هو التكبر، والإعجاب، والوقوع فيما نهى الله تعالى عنه.
طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً يعني: طلب من الله أن يعوضهما بدل هذا الغلام، أفضل منه. يعني: ولدا أفضل منه ذكرا، أو أنثى خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً والزكاة ها هنا: هي الصلاح؛ يعني: أن يكون زكيا، كما في قوله فيما حكى الله عن زكريا قال: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ غلاما زكيا. أي: يكون من أهل الزكاة، وليس المراد: أنه يزكي نفسه. يعني: يمدح نفسه بل المراد: أنه يكون خيرا منه، فهما، وخيرا منه إدراكا، وإيمانا، ومعرفة، هكذا طلب، ذكر بعض المفسرين أن الله تعالى وهب لهما جارية صالحة مصلحة، أعانت أبويها على الصلاح، وعلى الاستقامة والثبات، ويمكن أن الله رزقهما أيضا أولادا ذكورا، كانوا صالحين مصلحين؛ استجابة لدعوة هذا العبد الصالح، الذي هو الخضر خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا يعني: أقرب إلى أن يكون شفيقا على أبويه، رحيما بهما، يرحمهما، ويدعو الله تعالى لهما بذلك، ويقول: رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا .

line-bottom