اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
90902 مشاهدة print word pdf
line-top
الفرق بين اللعنة والغضب

...............................................................................


وإذا قلت: لماذا جعل اللعنة عليه، والغضب عليها ؟. تعرفون أن اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله؛ الطرد والإبعاد، وأما الغضب فهو سخط الله تعالى على العاصي الذي يؤثر أنه إذا غضب عليه فإنه يلعنه ويعذبه وزيادة؛ ورد في حديث قدسي أن الله يقول: إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت؛ وليس لبركتي نهاية، وإذا عصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت؛ ولعنتي تبلغ السابع من الولد.
فأخبر بأن من آثار الغضب اللعن؛ فدل على أن الغضب أشد أثرا وأشد عقوبة من اللعن؛ لأن من غضب الله عليه؛ فإنه يستحق العذاب؛ يعذبه إلا أن يتوب أو إلا أن يشاء الله . ذكر الله الغضب في العصاة ونحوهم، وذكره في اليهود كقوله : فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ يعني: أنهم رجعوا بغضب من الله على غضب، وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ .
وسماهم المغضوب عليهم في سورة الفاتحة: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ ؛ وذلك بيان لعظم ذنبهم وعظم ما اقترفوه.
ثم كذلك أيضا اللعن والغضب، جمع بينهما في حق القاتل عمدا، بدأ بالغضب في قوله تعالى: وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا وجمع بينهما في حق المنافقين والكفار في قوله: وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا .
فعرف بذلك أن الغضب؛ أنه أشد من اللعن؛ لأن اللعن من آثار الغضب. ومن آثار الغضب العذاب: عذاب أليم، عذاب النار، وعذاب الدنيا، وعذاب البرزخ؛ كل ذلك من آثار غضب الله تعالى على من غضب عليه.

line-bottom