قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
90168 مشاهدة print word pdf
line-top
الابتعاد عن أسباب الزنا

...............................................................................


فبكل حال هذه الآية واضحة الدلالة في أن على المسلم أن يكون غيورا على حدود الله -تعالى- وأن يكون غيورا على أهله، زوجاته، وبناته، وأخواته، ومن تحت ولايته، كما أن على المرأة أن تكون أيضا شديدة المراقبة لزوجها، ولأهلها، ولأولادها، وأن تكون مبعدة نفسها عن أسباب الفحش، وعن الأسباب الدافعة إلى هذه المنكرات، وما أشبها، ومن أعظم الأسباب أي: في فعل، وانتشار الفواحش، النظر إلى الصور التي تبث عبر القنوات، والتي ترسلها.. الدشوش، وما أشبهها، فإنها قد أفسدت كثيرا من البيوت؛ وذلك لأن الشباب، والشابات، يقدمون بشغف ما يثير شهواتهم، وما يدفعهم إلى اقتراف هذه الفاحشة.
إذا رأى الرجل الشاب في هذه الشاشة، امرأة متكشفة كشفت عن بطنها، وعن فرجها، وجاء آخر وضمها، وأولج فيها، وهم ينظرون، كيف تكون حالة هؤلاء الذين ينظرون إليها، والحال هذه إذا كان مجرد نظر الرجل إلى وجه امرأة ولو عن غفلة يثير شهوته، فكيف بما إذا رأى الفاحشة عيانا، فرأى هذا الرجل يولج في هذه المرأة، ماذا تكون حالته؟ لا شك أنه لا يتمالك نفسه، أن تثور شهوته؛ ولذلك كثر فعل الفاحشة في البيوت، حتى بين المحارم. عثر كثيرا على الأولاد مع أخواتهم؛ يعني: رجل كان قد أدخل هذا الجهاز في بيته، ففجأة وجدت امرأته ولدها على أخته -والعياذ بالله- يعني بسبب هذه الفاحشة، إذا نظروا إلى هذا -فلا يتمالكون أنفسهم والحكايات عن ذلك في ذلك كثير مشتهرة.
فنقول: إن هذه الفاحشة التي عظم الله -تعالى- شأنها، وأخبر بشدة عقوبتها، وأمر بأن يعاقب الزاني، وألا تأخذكم به رأفة في دين الله، وأن يعاقب بأن تعلن عقوبته، وحدُّه، أمام طائفة من الناس، وكذلك أيضا أن شدد في أن الزانية لا تحل للمسلم عفيف، وإنما يتزوجها زان مثلها، أو من هو مشرك، وأن الزاني لا يحل أن يزوج، أن يزوج بامرأة عفيفة صينة، وإنما يقبله من هو مثله، فالتساهل بهذه المنكرات، وكذلك أيضا الذين يقبله من هم ليسوا بمؤمنين، فإذا كان هذا شأنه.
وكذلك أخبر الله -تعالى- بأنه فاحشة، وأنه ساء سبيلا، ونهى عن قربه، ونهى أيضا عن التوسلات، الوسائل التي تكون قريبة إلى فعله، فكل ذلك دليل على عظم هذا الذنب، وتأثيره أنه يفسد فراش الرجل، وأنه يدخل عليه أولادا من غيره، إذا زنت المرأة فإن زوجها لا يشعر بأنها زنت، فيدخل عليه أولاد ليسوا منه، من الذي يشعر بأن هؤلاء منك، وأنت تعرف أن زوجتك ليست صينة، وأنت تُدخل عليها هذه الأجهزة، التي تفسد الأخلاق، والتي تدعو إلى العهر، وإلى الفساد، لا تأمن أن هؤلاء ليسوا أولادا لك، ومع ذلك أنت تنفق عليهم، وتنسبهم إلى نفسك، وتتكلف بتربيتهم وبتعليمهم، وهم ليسوا من صلبك، بل هم أولاد أجانب بعيدون عنك.
وهكذا أيضا المحذورات الكثيرة التي تترتب على ذلك؛ فلا جرم حرم الله -تعالى- هذه الفاحشة، وشدد في تحريمها، يتجنبها المسلم إذا عرف آثارها السيئة، ويحرص على أن يصون نفسه، وأن يبعد عن أهله، وأولاده، تلك الوسائل التي تكون مسببة، أو مقربة إلى الوقوع في هذه الفواحش والمنكرات -نعوذ بالله من الحرمان- نسأله العفو والغفران، نسأله أن يعصمنا، ويحمينا من المنكرات، صغيرها، وكبيرها، وأن يحمي المسلمين منها، وأن يحفظ عليهم أنفسهم، وأهليه، وزوجاتهم، إنه على كل شيء قدير، والله أعلم، وصلى الله على محمد .

line-bottom