إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب
72549 مشاهدة
دخول الخلاء

...............................................................................


الفصل الذي بعده في آداب التخلي: فمن ذلك أنه يسن للداخل أن يقدم رجله اليسرى، وأن يدعو بهذا الدعاء يقول: بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث وجاءت رواية ذكرها في عمدة الفقه ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم. هكذا أولا تقديم اليمنى لكل فاضل كالمسجد والمنزل ولبس النعل ولبس الخف ودخول الأماكن الفاضلة تقدم لها اليمنى، وأما اليسرى فتقدم للمفضول فمن خرج من المسجد قدم اليسرى. من خرج من بيته قدم اليسرى من دخل بيت الخلاء قدم اليسرى وأشباه ذلك، فإن ذلك فيه العمل بتقديم اليمنى للأشياء النظيفة للأشياء الشريفة، فهاهنا يقدم رجله اليسرى وإذا خرج قدم رجله اليمنى، وإذا دخل المسجد قدم اليمنى وإذا خرج قدم اليسرى، وإذا دخل بيته قدم اليمنى وإذا خرج قدم اليسرى، وإذا انتعل قدم اليمنى وإذا خلع قدم اليسرى.
جاءت هذه التعليمات تكريما لليمين مع أن كلا القدمين كلاهما سواء في الحاجة إليهما، وكذلك اليد اليمنى يكرمها فيأخذ بها ويعطي ويأكل بها ويشرب يستعملها في الأشياء الشريفة واليد اليسرى يستعملها في ضد ذلك، فيستنجي بها يمسح بها أثر الخارج ويستجمر بها يغسل أثر الخارج ويمسحه، يمسك ذكره بيده اليسرى عند البول إذا احتاج إلى ذلك. كذلك أيضا يمتخط بها يفعل بها الأشياء المستقذرة. اختلف في بعض الأشياء والخلاف فيها هل تلحق بهذه أو هذا؟
يسن إذا دخل أن يدعو بهذا الدعاء: بسم الله لماذا؟ لأن الحشوش محتضرة.
جاء في بعض الأحاديث: إن هذه الحشوش محتضرة وهي جمع حش الذي هو المرحاض محل قضاء الحاجة. محتضرة يعني: تحضرها الشياطين، وفي حديث: ستر ما بين الجن وعورات بني آدم ذكر اسم الله وفي حديث آخر: إن الشياطين تلعب بمقاعد بني آدم يعني فإذا ذكروا اسم الله تعالى عصمهم الله كأنك تقول: بسم الله أتحفظ، وبسم الله أستجير، وبسم الله أستعين على حفظي وحمايتي عن أضرار الشياطين التي تحاول الإضرار، فإذا استعاذ بالله تعالى أعاذه الله؛ ولهذا قال: أعوذ بالله من الخبث والخبائث. قيل: إن الخبث ذكران الشياطين والخبائث إناثهم. هكذا جاء استعاذ من ذكرانهم وإناثهم، ويدخل في الشياطين شياطين الجن، وذلك لأنهم يألفون الأماكن القذرة والأماكن التي لا يذكر فيها اسم الله كالمراحيض فإنهم يألفونها، فإذا استعاذ من شرهم حفظه الله.
ويعم ذلك الحمامات الموجودة ولو كانت نظيفة. ذُكر لي عن بعض الناس أنه قال: هذه الحمامات النظيفة لا مانع من أن نجلس فيها وأن نصلي فيها؛ لأنها نظيفة ولو كان فيها محل قضاء الحاجة وكيف تأتي إليها الشياطين؟ الشياطين إنما تحب القذر وما أشبه ذلك وهذا طعن في هذه الأدلة. لا شك أنها محل التعري. إذا دخلها فإنه يكشف عن عورته. قد يخلع ثيابه للاغتسال تبدو عورته محل لإلقاء الغائط والبول الذي هو مستقذر فكيف مع ذلك لا يتحفظ؟ وكيف مع ذلك لا يستعيذ من شر الشياطين؟ نقول: عليك أن تستعيذ بالله من الخبث والخبائث، وتعمل أيضا بالزيادة الأخرى ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم.