الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
130899 مشاهدة
حكم أخذ الأجرة دون اشتراط مقدارها والاستعانة بها في الخير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
سؤال: أرجو التكرم بالإجابة على السؤال التالي وفقكم الله لكل خير:
هل يجوز لمن هو من أهل التقوى والصلاح، وليس متهمًا في دينه وخلقه، أن يأخذ أجرة على الرقى الشرعية من الكتاب والسنة، مع عدم طلبه أو اشتراطه أي أجر، وإنما يعطيه المريض أي مبلغ كان برضًا منه؛ علمًا بأنه ليس همه جمع المال والأجرة، وإنما يستعين به على نفقته وفعل الخيرات، فما حكم أخذه لهذا المال? وما الدليل? وإن كان الحكم جائزًا فهل ينقص ذلك من قدر آخذ المال في حال اشتراطه أو عدمه?
الجواب: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا مانع من أخذ الأجرة على الرقية الشرعية بشرط البراءة من المرض وزوال أثره؛ والدليل على ذلك حديث أبي سعيد أن بعض الصحابة نزلوا بقوم فلم يقْروهم، فلدغ سيد القوم، فسعوا له بكل شيء لا يغني عنه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء النازلين، فأتوهم، فقال بعضهم: والله إني لأرقي، ولكن قد نزلنا بكم فلم تقْرونا فما أنا بقارئ إلا بشيء، فصالحوهم على قطيع من الغنم؛ فجعل يتفل عليه ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فقام وكأنما نشط من عقال، فأوفوا لهم جُعلهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- اقسموا واضربوا لي معكم سهمًا .
فأقرهم على الاشتراط وأسهموا له ليدل على إباحته، ولكن بشرط أن يرقي رقية شرعية، فإن كانت غير شرعية فلا تجوز ولا يشترط إلا بعد السلامة من المرض وزواله.
والأوْلى بالقراء عدم الاشتراط، وأن تكون الرقية لنفع المسلمين وإزالة الضرر والمرض، فإن دفعوا له شيئًا بدون اشتراط أخذه، دون أن يكون هو قصده، وإن دفعوا له شيئًا أكثر مما يستحق رد الزائد إليهم، وإن اشترط فلا يشدد في الاشتراط، بل بقدر الحاجة الضرورية، والله أعلم .