إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
130737 مشاهدة
التحذير من الرقى المخالفة للشرع

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين في منطقة الفرع وغيرها من ضواحي المدينة المنورة وفقهم الله للفقه في الدين! آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد بلغني أنه يوجد بجهتكم رقية (للعقرب) وغيرها من ذوات السم مشتملة على أنواع من الشرك؛ فوجب علي تنبيهكم عليها، وتحذيركم منها.
وهذا نص بعض ما بلغني من الرقية المشار إليها: باسم الله، يا قراءة الله، بالسبع السماوات، وبالآيات المرسلات، التي تحكم ولا يحكم عليها، يا سليمان الرفاعي، ويا كاظم سم الأفاعي، ناد الأفاعي، باسم الرفاعي، أنثاها وذكرها، طويلها وأبترها، وأصفرها وأسودها، وأحمرها وأبيضها، صغيرها وأكبرها، ومن شر ساري الليل وماشي النهار، استعنت عليها بالله وآيات الله وتسعة وتسعين نبيًّا، وفاطمة بنت النبي، ومن جاء بعدها من ذريتها، انتهى.
هذا بعض ما بلغني، ولها صور كثيرة لا تخلو من الشرك، وهذه الرقية فيها أنواع من الشرك، مثل قوله: بالسبع السماوات، ومثل قوله: يا سليمان الرفاعي يا كاظم سم الأفاعي، ناد الأفاعي باسم الرفاعي، ومثل قوله: استعنت عليها بالله وآيات الله وتسعة وتسعين نبيًّا وفاطمة بنت النبي ومن جاء بعدها من ذريتها.
وقد دلّ القرآن الكريم والسنة المطهرة على أن العبادة حق لله وحده، وأنه لا يدعى إلا الله، ولا يستعان إلا به، كما قال -تعالى- إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وقال -تعالى- وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا .
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- الدعاء هو العبادة وقال -صلى الله عليه وسلم- إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز الاستعانة بالجمادات: كالسماوات والكواكب والأصنام والأشجار ونحو ذلك، بل ذلك من الشرك، كما أجمعوا أنه لا يجوز دعاء الأموات والاستعانة بهم، أو الاستغاثة أو نحو ذلك، سواء كانوا أنبياء أو أولياء أو غيرهم؛ لأن: الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه الرقية فيها الاستعانة بالسماوات، والاستعانة بكثير من الأموات، من الأنبياء وغيرهم، وفيها الاستعانة بالرفاعي، وهذا كله من الشرك، فالواجب على جميع المسلمين الحذر من هذه الرقية، وأشباهها من الرقى المشتملة على الشرك، والتواصي بترك ذلك، والتحذير منه، والاكتفاء بالرقى، وبالتعوذات الشرعية، ففيها الغنية والكفاية، مثل: آية الكرسي وسورة قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وغير ذلك من الآيات القرآنية.
وهكذا التعوذات والدعوات الشرعية، كالاستعاذة بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وقول المسلم في الصباح والمساء: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، ومثل قوله في رقية المريض واللديغ: اللهم رب الناس أذهب الباس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك ثلاث مرات، وهكذا قراءة الفاتحة على المريض واللديغ من أعظم أسباب الشفاء، ولا سيما مع التكرار لذلك بصدق وإخلاص لله -سبحانه- في طلب الشفاء منه، والإيمان الصادق بأنه -سبحانه- هو الشافي لا يقدر على الشفاء من جميع الأمراض غيره عز وجل.
وأسأل الله أن يوفقنا والمسلمين جميعًا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا جميعًا من كل ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .