اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
130857 مشاهدة
صفات وآداب الراقي بالرقى الشرعية

سؤال: ما هي الصفات والآداب التي ينبغي للراقي أن يتحلى بها ؟
الجواب: لا تفيد القراءة على المريض إلا بشروط:
الشرط الأول: أهلية الراقي: بأن يكون من أهل الخير والصلاح والاستقامة، والمحافظة على الصلوات والعبادات والأذكار، والقراءة والأعمال الصالحة وكثرة الحسنات، والبعد عن المعاصي والبدع والمحدثات والمنكرات وكبائر الذنوب وصغائرها، والحرص على الأكل الحلال، والحذر من المال الحرام أو المشتبه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام وملبسه حرام فأنى يستجاب له فطيب المطعم من أسباب قبول الدعاء، ومن ذلك عدم فرض الأجرة على المرضى والتنزه عن أخذ ما زاد على نفقته؛ فذلك أقرب إلى الانتفاع برقيته.
الشرط الثاني: معرفة الرقى الجائزة من الآيات القرآنية: كالفاتحة، والمعوذتين، وسورتي الإخلاص، وآخر سورة البقرة، وأول سورة آل عمران وآخرها، وآية الكرسي، وآخر سورة التوبة، وأول سورة يونس، وأول سورة النحل، وآخر سورة الإسراء، وأول سورة طه، وآخر سورة المؤمنون، وأول سورة الصافات، وأول سورة غافر، وآخر سورة الجاثية، وآخر سورة الحشر، ومن الأدعية القرآنية المذكورة في الكلم الطيب ونحوه، مع النفث بعد كل قراءة، وتكرار الآية مثلا ثلاثًا أو أكثر من ذلك.
الشرط الثالث: أن يكون المريض من أهل الإيمان والصلاح والخير والتقوى والاستقامة على الدين، والبعد عن المحرمات والمعاصي والمظالم؛ لقوله -تعالى- وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا وقوله: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى فلا تؤثر غالبًا في أهل المعاصي وترك الطاعات، وأهل التكبر والخيلاء والإسبال وحلق اللحى، والتخلف عن الصلاة وتأخيرها، والتهاون بالعبادات ونحو ذلك.
الشرط الرابع: أن يجزم المريض بأن القرآن شفاء ورحمة وعلاج نافع، فلا يفيد إذا كان مترددًا، يقول: أفعل الرقية كتجربة إن نفعت، وإلا لم تضر، بل يجزم بأنها نافعة حقًّا، وأنها هي الشفاء الصحيح، كما أخبر الله تعالى.
فمتى تمت هذه الشروط نفعت بإذن الله تعالى، والله أعلم .