إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شرح لمعة الاعتقاد
200077 مشاهدة
الجهاد والحج ماضيان مع كل إمام

ثم يقول: ونرى الجهاد والحج ماضيين مع كل إمام برا كان أو فاجرا، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة، وكذا صلاة العيد.
وهذا يتعلق بولاة الأمور، كان في الأزمنة المتقدمة يحتاج الجهاد إلى أمير؛ وقد يكون ذلك الأمير عاصيا أو معه شيء من المعاصي والفسوق؛ فلأجل ذلك؛ هل يطاع ويولى على المجاهدين ولو كان معه معصية؟
نعم، وذلك لجمع الكلمة؛ لأنه يقود هذا الجيش ويتوجه بهم إلى عدوهم؛ فإذا كان مُولىً عليهم من قبل الخليفة، وكان له رأي وسداد، وعنده قدرة على تدبير الأمور وعلى تجهيز الجيوش بما يحتاجون إليه؛ فإنه ممن يُجاهد معه، يكون الجهاد معه ماضيا.
وكذلك الحج، ما يتيسر الحج مثلا للبعيدين إلا إذا كان عليهم أمير؛ لأنهم إذا كانوا متفرقين يتعرضون لقطاع الطريق، ويتعرضون للأعراب الذين يسلبونهم رواحلهم ونفقاتهم وأموالهم، فلا بد أن يكون على الحجاج أمير يسير بهم ويوجههم ويحميهم، وعنده قوة وقدرة، وعنده جيش يقدر على الممانعة، ومعهم أسلحتهم، ولو كان ذلك الأمير عنده شيء من المعاصي.
كثير من الأمراء أمراء الحجاج وأمراء المجاهدين قد يشرب أحدهم الخمر، سواء سرا أو علانية، وكذلك قد يسمع الغناء أو يحب المغنين ويقربهم، وكذلك قد يؤخر الصلاة عن وقتها وبالأخص صلاة العصر، يعرف أن كثيرا منهم يؤخرونها إلى أن تصفر الشمس لانشغالهم بأمور خاصة لهم، فتكون هذه معاصي قادحة للعدالة؛ ولكن لا تشترط العدالة الكاملة في الخلفاء، ولا تشترط العدالة الكاملة في الأمراء، وتجب طاعتهم ويجب السير معهم ولو كان فيهم نقص أو فيهم خلل، وكذلك توليهم لهذا الغزو أو لهذا الحج فيه منفعة وفيه درء مفاسد؛ حماية لهم عن القطاع وعن الكفار الذين إذا كانوا متفرقين فتكوا بهم، ففي ذلك مصلحة لهم، هذا هو سبب أنه يلزم طاعتهم والسير معهم، وأن الجهاد معهم ماض؛ يعني أنه جهاد حق، وأنه يثاب إن جاهدوا معهم، وأن الحج معهم أيضا مقبول ويؤدي به فريضة الإسلام؛ الحج والعمرة المفروضتان.