لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح لمعة الاعتقاد
200233 مشاهدة
الخلاف بين السلف في عقوبة القاتل عمدًا

وقد اختلفوا؛ اختلف السلف في عقوبة القاتل عمدا فروي عن ابن عباس أنه لا يخرج من النار لقول الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا فإن هذا وعيد شديد على القتل ظلما.
وذهب آخرون إلى أن هذا جزاؤه إذا جازاه، وأن الله تعالى قد يعفو عنه، وقد يخرجه من النار إن دخل فيها؛ إما بشفاعة الشافعين وإما برحمة أرحم الراحمين.
وإنما يخلد في النار أهل الشرك وأهل الكفر فهؤلاء لا يخرجون منها، ذكروا في قول الله تعالى كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وفي قوله: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وفي قوله تعالى: رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ يعني من حكمت عليه بالخلود في النار وفي غير ذلك.
فأما من عملهم دون الشرك فإن الله تعالى قد يعفو عنهم ويدخلهم الجنة على أول وهلة، وقد يدخلهم النار ويكون ذلك تمحيصا لهم وتكفيرا لخطاياهم، وهذا في العصاة الذين لا يستحلون المعاصي، وإنما يعملون المعاصي على وجه التأويل أو التساهل يقعون في المعاصي ويفعلونها على وجه التساهل بها، فإذا قيل ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الإيمان عن بعض العصاة الذين معاصيهم دون الكفر مثل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة حين يرفع الناس إليه أبصارهم فيها حين ينتهبها وهو مؤمن .
والتوبة معروفة بعد فهذا الحديث فيه نفي الإيمان عند فعل هذه المحرمات.
والصواب أن المراد نفي الإيمان الكامل فإن الإيمان الكامل يزجر أصحابه؛ يزجر أهله عن التساهل بهذه المحرمات؛ فلأجل ذلك لا بد أن يكون إيمانهم قويا حتى ينزجروا عن هذه المحرمات، هذا هو السبب لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن والمراد إيمانا كاملا.
وذهب بعضهم إلى أن الإيمان ينسلخ منه ويكون عليه كالظلة؛ أي أنه يكون خارجا من الإيمان، ولكن لم يكن بعيدا عنه، فإذا انتهى من هذه المعصية رجع إليه أصل الإيمان، ولكن لا يرجع إليه كاملا، بل يكون قد اختل عمله واختل يقينه وعقيدته.
أما أهل السنة فلا يخرجون العاصي من الإيمان، بل يبقى عندهم الإيمان معه، ولكنهم يقولون: إنه مؤمن ناقص الإيمان، ويقولون: مؤمن بإيمانه وفاسق بكبيرته؛ فيسمونه فاسقا أي بهذه الكبيرة والفسق دون الكفر، وكذلك يقولون: إنه فاسق فيسمون العاصي فاسقا لأجل معصيته، ومع ذلك فإن معه أصل الإيمان هذا بالنسبة إلى العصاة الذين معاصيهم دون الكفر.