الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شرح لمعة الاعتقاد
200251 مشاهدة
ابن قدامة وكتابه لمعة الاعتقاد

ولما كان في القرن السادس والسابع وفق الله تعالى بعض العلماء فنبهوا على أخطاء في تلك العقيدة، وأظهروا العقيدة السليمة التي هي عقيدة أهل السنة وعقيدة سلف الأمة، وكان من جملتهم الإمام الموفق أبو محمد عبد الله بن محمد بن قدامة المقدسي -رحمه الله-؛ وذلك لأنه كان على مذهب الإمام أحمد ورأى في زمانه كثرة المنحرفين فلم يجد بُدا من أن يؤلف فيما يعتقده أهل السنة الذين هم السلف الصالح ومن كان على نهجهم؛ فألف في ذلك مؤلفات تتعلق بمعتقد أهل السنة والجماعة، ومن جملة ما ألفه رسالة صغيرة سماها: لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد. واختفت هذه العقيدة ولم يكن لها شهرة إلا بين من هم على المذهب الذين -أيضا- يخفون أمرهم وما ذاك إلا لكثرة المخالفين في زمانهم وبعدهم وإلى اليوم؛ ولأجل ذلك فإن هذه النبذة لم يعتن بها أحد من السابقين ولا عرف أحد تولى شرحها ولم يكن لها شرح يبين دلالاتها؛ وذلك لأنهم يخشون إذا أظهروا معتقدهم مما يتعرضون له من أهل البدع.