إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شرح لمعة الاعتقاد
200175 مشاهدة
من الإيمان بالغيب : الإيمان بالإسراء والمعراج

ذكر بعد ذلك أمثلة المثال الأول :
الإسراء والمعراج، وكان يقظة لا مناما؛ لأن قريشا أنكرته وأكبرته واستغربته واستعظمته، ولم تكن تنكر المنامات، نتحقق أنه صلى الله عليه وسلم أسري ببدنه، أن الإسراء كان ببدنه وأنه كان يقظة لا مناما، وليس في ذلك غرابة.
ذُكر أنه أتاه الملك ومعه دابة يقال لها البراق يضع حافره عند منتهى طرفه -يعني من سرعة سيره- ثم ركبه وتوجه إلى بيت المقدس، في لحظات يصل بهذه السرعة الله تعالى قادر.
نحن الآن نشاهد هذه المراكب الجوية أنها تقطع هذه المسافة التي هي مسيرة شهر في ساعة أو ساعة ونصف، وبعضها في أقل من ذلك كالتي تسمى سابقة الصوت؛ فهذا صنع المخلوق، فكيف بصنع الخالق، الله تعالى قادر على أن يوصله في لحظات.
وقد ذكر الله تعالى قصة عرش بلقيس وإحضاره عند سليمان من أقصى اليمن إلى بيت المقدس في طرفة عين؛ قبل أن يرتد إليه طرفه أحضره.
هذا أحد الذي عنده علم من الغيب، أو يعرف الاسم الأعظم فدعا الله تعالى فجيء به في لحظات، لا شك أن قدرة الله تعالى ليست محصورة؛ فنصدق بأنه أسري به إلى بيت المقدس وأنه جمع له الملائكة هناك وصار إمامهم.
ونصدق أيضا بأنه عرج به إلى السماء من بيت المقدس حتى جاوز السبع الطباق سبع السماوات، وأنه كلمه الله تعالى وفرض عليه الصلوات الخمس؛ يعني كان فرضها خمسين ثم خففها عنهم إلى خمس، ثم رجع إلى منزله في آخر الليل، لم يشعر به أحد، ولما أصبح وأخبر بما حصل منه أعظمت ذلك قريش، فقالوا: إننا نسافر مسيرة شهر إلى بيت المقدس إلى إيليا ونرجع مسيرة شهر، وأنت قطعت ذلك في ليلة إن هذا لشيء عجاب فكذبوه.
وصدقه الله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ دل على أن الله تعالى أسرى به ليلا.
كذلك أخبر بأنه عرج به كما في قوله تعالى في سورة النجم: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى فهذا تصديق من الله تعالى لنبيه. وأحاديث الإسراء والمعراج كثيرة، أورد أكثر ما صح منها ابن كثير في أول سورة الإسراء، وأفردت بالتأليف.