جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح لمعة الاعتقاد
200060 مشاهدة
معنى التأويل عند السلف والخلف

التأويل يعني في اصطلاحهم هو صرف اللفظ عن ظاهره السلف لم يتعرضوا لتأويله ذكروا أن كلمة التأويل لها ثلاثة اصطلاحات فالمعنى الذي في القرآن أن التأويل حقيقة الشيء وما يؤول إليه وماهيته والدليل قول الله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ المراد بتأويله هنا يعني حقيقته ومآله.
وقول الله تعالى: ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا أي أحسن مآلا وفي حديث عائشة لما نزل قول الله تعالى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك، سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، يتأول القرآن .
يتأوله يعني يمثله ويعمل به يعني يعمل بهذه الآية هذا التأويل في عرف القرآن وفي لغة العرب المعنى الثاني أن التأويل معنى التفسير وذكر ابن جرير رحمه الله صار على هذا على أن تأويل القرآن هو تفسيره.
فهو يقول القول في تأويل قوله تعالى -يعني في تفسير قوله تعالى- ثم يقول وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل يعني أهل التفسير فيقول ويقول اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك يعني في تفسيره فهذا معنى أيضا عند السلف.
أما الْخَلْف والمتأخرون فإنهم اصطلحوا على أن التأويل في تعريفهم أنه صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به هكذا قالوا فإذا قالوا مثلا في قول الله تعالى مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ .
قالوا اليد لها احتمالان احتمال راجح وهو أنها اليد التي هي صفة لله اليد الحقيقية واحتمال مرجوح أن المراد بها النعمة فنصرفها على الراجح إلى المرجوح ونجعل اليد هي النعمة لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أي بنعمتي هذا اصطلاحهم.
يقولون في قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ أن الاستواء له معنيان معنى راجح وهو العلو ومعنى مرجوح وهو الاستيلاء فنصرفه عن الراجح إلى المرجوح لدليل يقترن بالمرجوح وهو أن يوافق العقول وأن لا يخالف العقول هكذا اصطلحوا السلف ما تعرضوا لتأويله.
بل عملوا بما ظهر لهم منه دون أن يؤولوه بهذا التأويل الذي هو في الحقيقة تحريف شبيه بتحريف اليهود الذي ذمهم الله تعالى به في قوله تعالى يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ .