عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
فتاوى الصيام
130898 مشاهدة
تسجيل قراءة بعض الأئمة الجدد

س189: يلاحظ أن بعض أصحاب التسجيلات الإسلامية- وفقهم الله- من حرصهم على نفع المسلمين، وكذلك من باب التنافس مع التسجيلات الأخرى، يقومون بتسجيل قراءة بعض الأئمة الجدد خصوصا من الشباب -صغار السن- ممن رزق صوتا حسنا، ويتم توزيع هذه الأشرطة على هيئة إصدارات تباع في الأسواق، إلا أن هناك ملاحظتين نأمل التوجيه من فضيلتكم عليهما:
أولا: يتم إصدار هذه الأشرطة دون العناية التامة بها؛ فتخرج أشرطة غير صافية تتخللها تكبيرات، ويقع في القراءة أخطاء كثيرة، ولحن قد يصل إلى اللحن الجلي.
ثانيا: تصرف بعض التسجيلات على الإصدار بعض التكاليف المالية والجهود، وبالتالي تقوم هذه المحلات بالاحتفاظ بالحقوق؛ فما مدى مشروعية هذا العمل؟
إضافة إلى أن دفع هؤلاء الأئمة الشباب إلى الساحة، والتسجيل لهم، وإطلاق عبارة قراءة فضيلة الشيخ... عليهم قد يؤدي ذلك إلى دخول العُجب والرياء إلى نفوسهم وهم في بداية الطريق، فما هو توجيهكم أثابكم الله؟
الجواب: هذه المفاسد يجب تلافيها؛ فيجب أولا على أهل التسجيلات تصفية القراءة من غيرها، وعدم تسجيل السكتات والتكبيرات وكل ما ليس من القرآن؛ حتى لا يختلط القرآن بغيره، فكما لا يجوز كتابة غيره معه في المصاحف مع عدم التمييز، فكذا لا يجوز في التسجيل؛ مخافة الاشتباه، وكذا لا يجوز إقرار الأخطاء من نقص أو زيادة أو تغيير أو لحن، ولو لم يغيِّرْ المعنى، فإن تسجيل ذلك ونشره تغيير وتحريف لكلام الله، وإظهار لهذه الأغلاط عند مَنْ لا يتفطن لها، كما أن فيها عيبا ونقصا لذلك القارئ؛ حيث ينتشر غلطه وكثرة خطئه.
وأما احتفاظ أهل التسجيلات بحق التسجيل، ومنعهم أن يسجل عند غيرهم، فقد يكون لهم الحق في ذلك؛ حيث تعبوا وتكلفوا في التسجيل، وصرفوا عليه مالا كثيرا، كما يحصل ذلك في المطابع، لكن الأولى بهم التغاضي والتسامح بنشره؛ حرصا على نشر العلم والفوائد بين المسلمين.
وأما ما ذكره السائل من مبالغتهم في وصف القارئ وإطرائهم له فلا ينبغي مثل هذه المبالغة؛ خوف الإعجاب بالنفس واحتقار الغير، ولا مانع من وصفه بالقارئ ونحوه إذا كان أهلا لذلك. والله أعلم.