إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
تابع لمعة الاعتقاد
51152 مشاهدة
الجنة والنار

...............................................................................


ذكر بعد ذلك الجنة والنار، أنهما موجودتان الآن.
وورد في الأحاديث: أنه عليه السلام دخل الجنة، وأنه عرضت عليه النار، فدل على أنهما موجودتان، ثم أنهما مخلوقتان، وأنهما باقيتان لا تفنيان، لا تفنى النار أبدا، ولا تفنى الجنة أبدا.
فالجنة: مأوى أولياء الله. والنار: عقاب أعداء الله.
وأهل الجنة مخلدون فيها، وكذلك أهل النار إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ يعني: لا يخفف عنهم وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ آيسون من رحمة الله.
ثم ذكر أنه يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقال: يعني قيل: إنه يقال: ما هذا يا أهل الجنة؟ فيشرئبون، وينظرون، ويقولون: هذا هو الموت. ويقال لأهل النار: ما هذا؟ فيشرئبون، وينظرون، ويقولون: هذا هو الموت. ثم يذبح بين الجنة والنار. ثم يقال: يا أهل الجنة.. خلود فلا موت، ويا أهل النار.. خلود فلا موت. فيزداد أهل الجنة فرحا؛ لعلمهم بأنهم لا يرحلون عنها، ولا يتغير نعيمهم. ويزداد أهل النار حزنا؛ لعلمهم بأنهم يبقون فيها مخلدين، لا يخرجون منها أبدا.
يؤمن المسلم بهذا كله؛ ولو كان من الأمور الغيبية؛ لأنه مأمور بالإيمان بالغيب في قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ .
بقي فصل.. ولعلنا نقرؤه غدا في الصباح في مسجد المطار مسجد حي المطار؛ وذلك لأن غدا في المساء عندنا محاضرة في محافظة .، لا شك أن صاحب تلك المحافظة رغب إلينا في أن نأتي إليه؛ فلأجل ذلك نعتذر عن درسنا غدا في هذه الليلة، ونكمل هذا الدرس إن شاء الله في الصباح. فهذا آخر درس في هذا المساء، والدرس الذي في الصباح الذي هو جامع بيان العلم نتوقف عنه. ونختم أيضا درس كشف الشبهات. والله أعلم، وصلى الله على محمد .
أسئـلة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
س: فضيلة الشيخ.. في بعض المكتبات كتب تعنى بتأويل الرؤى، هل يؤخذ بها؟ وهل هناك كتب يؤخذ منها؟ وما هي صفات من يؤول الرؤى؟ حفظكم الله.
تعبير الأحلام يعتمد فيه على القرائن، وعلى العلامات، وليست معتمدة دائما؛ إنما هي ظن؛ الذي يفسر الأحلام إنما يظن أن .؛ لأجل ذلك لا يجزم بأن هذا يقينا. هو الذي يحصل.
س: هل بعض صفات الله الفعلية يسمى الله بها كصفة الضحك أو صفة الكراهة أو المحبة؟ وهل يجوز أن يسمي الرجل بها ولده كعبد المحب؟
لا يجوز، يعني إنما تذكر أفعالا، فلا يجوز أن يشتق لله منها أسماء، فقوله تعالى: فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ لا يقال: إن من أسمائه الفاعل، وقوله: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا لا يجوز أن يقال: إن من أسمائه العامل، وكذلك قوله: وَمَكَرَ اللَّهُ فلا يسمى الماكر، وقوله: إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ لا يسمى الكائد، وقوله: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ لا يجوز أن يسمى المحب؛ إلا أنه يؤتى بها كأفعال، ولا أيضا يعبد بها.
س: يقول السائل: فضيلة الشيخ.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرد القضاء إلا الدعاء هل معناه: أنه يرد شيئا قد كتب وانتهى؟ أم ماذا؟ أفيدونا.. مأجورين؟
الدعاء مكتوب، وكذلك القضاء مكتوب يعني أن الله تعالى كتب أن هذا يدعو بهذا الدعاء، وأنه لو لم يدع به لحصل له مصيبة، ولحصل له عقوبة، أو نحو ذلك، فيكون هذا الدعاء المكتوب يخفف عنه، أو يغير ما لو لم يفعل به لحصل له كذا وكذا، يكون ذلك من جملة الأسباب. فالإنسان مأمور أن يفعل الأسباب، وأنها مكتوبة كما في حديث العلاج أن العلاج مكتوب، مكتوب أن الإنسان يمرض، وأنه مأمور بالعلاج، وأن العلاج يؤثر، وأنه يفيد. فكان ذلك من جملة القضاء المكتوب.
س: هل ينسب إلى الله تعالى أفعال الخير، وكذلك أفعال الشر؟
ورد في الحديث: والخير بيديك والشر ليس إليك ؛ وذلك لأن كل ما يحدث من الأضرار بقضاء الله تعالى فلا يسمى شرا؛ وإنما هو خير بالنسبة إلى أمر الله تعالى، وإلى قضائه وقدره، خير بالنسبة إلى فعل الله؛ لأنه ما فعله إلا لحكمة.
فالشرور لا يجوز إضافتها إلى الله؛ وذلك في كلام الجن في سورة الجن: وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا فالرشد: أراد بهم ربهم، والشر: أريد، لم يذكر فعله؛ مع أن الله هو القادر والفاعل لكل شيء.
س: مرضت والدتي قبل شهر رمضان بستة أشهر، وتوفيت بعد رمضان بشهر، ولم تصم؛ لشدة مرضها، هل علي قضاء؟ وكم يجب علي أن أدفع عنها؟
لا قضاء عليكم، ولا قضاء عليها؛ لأنها ما فرطت؛ حيث استمر بها المرض إلى أن توفيت؛ وإنما القضاء على من تمكن وفرط.
س: إن الله تعالى ذكر في القرآن الكريم موسى عليه السلام أنه أوجس نارا، فلما ذهب إليها قال: إن الله عز وجل قال: أَنَا اللَّهُ عز وجل، فهل يفهم من هذا أن الله يتصف بالنار؟ أفيدونا.. مأجورين.
رأى نارا تشتعل في شجرة، فقال لأهله: إِنِّي آنَسْتُ نَارًا يعني: أحسست، أو رأيت نارا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ يعني: عن الطريق ونحوه أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ ناداه الله تعالى، وليس النداء من الشجرة؛ وإنما ناداه الله تعالى، وأسمعه النداء؛ ولذلك سأل أين أنت يا رب؟ فقال: أنا فوقك، وعن يمين، وعن شمالك. فعلم ذلك أنه هو الله تعالى يعني أنني قريب منك، وليس النار هي التي تكلمت، وليس الشجرة هي التي تكلمت؛ وإنما سمع كلام الله إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي .
س: دخل شهر رمضان في وسط الصيف، وكانت درجة الحرارة مرتفعة، ونسكن بالصحراء بجوار المدينة أي بدون إمكانيات أو خدمات، وكان وضعي المادي ضعيفا، وعليه لم أستطع صيام هذا الشهر الكريم، فماذا علي حتى أقضي هذا الشهر؟ أو كيفية التكفير؟ أفيدونا.. مأجورين.
لا يكون هناك عذر؛ ولو كان الصيف شديدا؛ ولو كان الحر مرتفعا، فلا يجوز الإفطار؛ بل يصبر على الصيام مع المشقة؛ لكن إذا بلغ حالة يخشى فيها من الموت أو من المرض فإنه معذور أن يفطر. ثم يقضيه في الشتاء، أو إذا برد الوقت أو ما أشبه ذلك. والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.