الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
تابع لمعة الاعتقاد
51156 مشاهدة
إثبات صفة العجب لله تعالى

...............................................................................


وما يقال فيه من الأحاديث أيضا حديث العجب: يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة معناه: أن الشباب عادة يهوون اللعب، ويهوون الفرح والمرح؛ وذلك من آثار الصبا؛ إلا من عصمهم الله تعالى.
ذكر ابن كثير في قصة يحيى في قول الله تعالى: وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا أن الأولاد قالوا له: تعال معنا نلعب. فقال: أيها الأولاد.. ما خلقنا للعب. وهذا معنى وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا .
فالشباب الذين في سن الخامسة إلى الخامسة عشر عادة يكون معهم شيء من الصبا، وشيء من اللهو واللعب، والمرح والفرح، وما أشبه ذلك.
فإذا قدر أن هناك شباب لم يكونوا يشتغلون بهذا اللهو؛ فإن ذلك دليل على ما خصهم الله تعالى به من الخير، فيكون ذلك مثار العجب، عجب ربك من الشاب أي أن هذا عجب. أثبت صفة العجب لله تعالى وهي صفة فعلية، يعجب إذا شاء.
وقد استدل عليه من القرآن بقول الله تعالى: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا عجب يعني أخبر بأنه عجب، يعني: عجب من الله. وقرأ بعض القراء قوله تعالى في سورة الصافات: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ وفي قراءة: بل عجبتُ ، وكلاهما قراءتان سبعيتان، تجوز القراءة بهذه وبهذه. دل على أن الله تعالى يعجب إذا شاء.
ومن الآيات قوله تعالى: قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ما تعجيبه يعني يتعجب الله تعالى! ما الذي أكفره؟! فيعجب الله تعالى.
وكذلك في حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم: عجب ربك من قنوط عباده وقرب غيره عجب، فأثبت لله تعالى العجب.