الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
131944 مشاهدة
إثبات العلو والفوقية لله واستوائه على العرش رغم قربه من خلقه

...............................................................................


وقد اعترف الخلق بأن ربهم سبحانه وتعالى عليّ على عباده وأنه فوق عباده كما أخبر بقوله: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ يعترف أهل السنة بصفة الفوقية بكل أنواع الفوقية. أي أنه فوقهم بذاته كما يشاء وفوقهم بالقهر وفوقهم بالقدر وبالغلبة، وأنه فوق عرشه كما يشاء، ثم يعترفون بأن هذه الفوقية لا تنافي قرب الرب تعالى من عباده وسماعه لكلامهم.
وقد تقدم أنه لما نزل قول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ كان سببها أنهم سألوا ربهم فقالوا: يا رسول الله: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأخبر بأنه قريب. وما ذكر في القرآن من قرب الله تعالى ومعيته مع عباده لا ينافي ما ذكر من علوه سبحانه، وفوقيته فوق عباده، فإنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وقد أخبر تعالى بأنه سَمِيعٌ قَرِيبٌ .
وأخبر بأنه مع عباده بقوله: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وبقوله: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا وأخبر تعالى بأنه يعلم ضمائرهم ويعلم أحوالهم، ويطلع على ما يكنونه، ولا تخفى عليه منهم خافية، وقال تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فما ذكر من علوه وفوقيته لا ينافي ما ذكر من قربه ومعيته. وهو تعالى قريب في علوه، عليّ في دنوه كما يشاء، وأنه تعالى عظيم كما سمى نفسه بقوله: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ وأن مخلوقاته مهما كبرت فإنها صغيرة بالنسبة إلى عظمته.