شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
131719 مشاهدة
إحصاء الله أعمال العباد ومجازاتهم عليها

...............................................................................


وإذا عرفنا أن ربنا سبحانه عليمٌ بكل شيء فإنه مع ذلك قد أحصى أعمال العباد ولم يغادر منها شيئًا صغيرها، وكبيرها حتى قال تعالى: وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا حبة الخردل من أصغر ما يتصور من الحبات حبة شجر، وقال الله تعالى: إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ أحصى أعمال عباده، وحفظها ولا يغادر شيئًا، ولا ينسى وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا يعلم العبد أن أعماله محصاة عليه أيًّا كانت ولو حبة خردل ولو ذرة كما يقول تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فلو كان الله تعالى تاركًا شيئًا لعفا عن الذرة وعن الخردلة ونحوها مما يدل على أنه سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
فهذه الصفات وما أشبهها تزيد العبد إيمانًا وتحمله على أن يعمل بموجبها وأن يستحضر قرب الله، وسمعه وبصره وعلمه ومحاسبته، ومراقبته للعبد في كل حالاته فلا يقدم على ذنب وهو يعلم أنه مكتوب عليه وأنه سوف يحاسب عليه فلا يعصي ربه طرفة عين وهو يعلم أن ربه يراه، وأنه يطلع على سره وعلانيته وعلى ما يجول في نفسه.
فمتى كان كذلك فإن الرب سبحانه وتعالى يثيب عباده، ويجازيهم بأعمالهم ولا يضيع أجر من أحسن عملاً؛ ومع ذلك يعتقد أن الله تعالى عفو، غفور، رحيم، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه يعفو عن العباد ويتجاوز عن سيئاتهم؛ ولكن لا يحمله ذلك على أن يتجرأ على السيئات ويكثر منها ويعتمد على الرحمة، فإن الله تعالى كما أنه واسع الرحمة فإنه شديد العقاب كما جمع بين ذلك في قوله تعالى: غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ وغير ذلك من النصوص. يكون العبد دائمًا يخاف الله تعالى ويرجوه فلا يحترق قلبه من الأسى ومن السيئات التي وقع فيها، ولا يعتمد على الرحمة فيكثر من السيئات بل يكون دائمًا خائفًا وراجيًا ، ويغلب في الصحة جانب الخوف حتى يستقل أعماله.
نستمع إلى كلام الإمام.