تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
131642 مشاهدة
أقسام الآثار المروية عن بني إسرائيل

...............................................................................


وأما الآثار المنقولة عن بني إسرائيل فإنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسم يعلم أنه كذب، تكذبه النصوص فهذا يرد ولا يحكى ولا يقبل، وإذا حكي حكي على وجه رده.
والقسم الثاني يشهد الكتاب والسنة بصحته وبموافقته فيصدق إذا وجد ما يؤيده ولو إجمالاً، فإن كثيرًا من القصص وردت في القرآن، ووردت في السنة مجملة، وجاءت تفاصيلها في تلك الكتب.
والقسم الثالث وهو الأكثر الذي لم يأت ما يدل عليه ولا ما يكذبه، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا: آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون امتثالاً لأمر الله تعالى بقوله وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وذلك لأنا إذا كذبنا به قد يكون صحيحًا فنكذب بالحق ونرد الشيء الصحيح، وإذا صدقناه تصديقًا مطلقًا آمنا به فقد يكون كذبًا فنصدق بما هو مكذوب بل نقول: لا نصدقه ولا نكذبه.
وقد ورد الإذن بالأخذ عن أهل الكتاب في قوله صلى الله عليه وسلم: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فإنه كان فيهم الأعاجيب هذا الحديث رواه عبد الله بن عمرو بن العاص ثم إنه -رضي الله عنه- في غزوة اليرموك وجد زاملتين فيهما كتب من كتب بني إسرائيل فكان يحدث عنهما؛ لأنه رأى فيهما ما يوافق الحق، والنقول التي تنقل عنهم منها ما يقال له: بالأحكام وفي كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من الأحكام ما يكفي عن أن يحتاج إلى تلك الكتب أو تلك الحكايات، فإن الله تعالى أكمل لنا الدين ونبينا صلى الله عليه وسلم بلغ ما أنزل إليه من ربه، وشهد له بذلك الصحابة رضي الله عنهم.