جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
131605 مشاهدة
النظر والتأمل في خلق البحار

...............................................................................


وكذلك أيضا جعل فيها هذه البحار الممتدة التي لا يدرك لبعضها طرف في امتدادها، وجعل في وسط بعضها جُزرا، انحسر عنها الماء فأصبحت جزرا في وسط ذلك الماء، يسكنها من يسكنها من خلق الله تعالى. لا شك أن هذا دليل على عظمة من أوجدها، وهكذا أيضا ورد في الحديث تقسيم الأرض بالنسبة إلى المطَّلع عليها إلى أربعة أقسام: قسم يمسك الماء ولا يفلته. أي: ماء المطر، وقسم ينبت ولا يمسك ماء، وقسم يمسك وينبت، وقسم لا يمسك ولا ينبت وهو الأرض السبخة.
لا شك أن الذي قسمها إلى هذه الأقسام هو الرب تعالى الذي خلقها وجعلها على هذه الطبقات. كذلك أيضا جعل في جوفها في جوف هذه الأرض حفرا تمسك الماء بمنزلة المستودعات التي يودع فيها الماء ماء السماء إذا نزل، فإذا نزل هذا المطر امتصته تلك الأودية، وانصب في المستودعات، وبقي في جوف الأرض، يستخرج عند الحاجة بالدلاء وبالنواضح وما أشبه ذلك. لا شك أنه علم حاجة خلقه إلى ذلك فجعل فيها هذه الحفر التي في وسطها. قد تكون واسعة لا يعلم سعتها إلا الله تعالى.