إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
81773 مشاهدة
العراق

...............................................................................


ويذكر العلماء أن أصل عبادة القبور وأصل زخرفتها كان من الرافضة عندما تولوا على العراق وكثروا، فهم الذين ابتدءوا ببناء المشاهد على القبور، فمن ذلك المشهد الذي سموه كربلاء وادعوا أنه قبر الحسين ولا شك أنه كذب؛ وذلك لأن الحسين أخفي قبره، ولا يدرى أين هو، ثم إن أهل مصر يدعون -أيضا- أن الحسين عندهم، أنه قبر عندهم، وهناك معبد في مصر يا حسين يا حسين وهناك معبد في العراق يا حسين يا حسين
لا شك أن أحدهما كذب؛ بل نتحقق أن الجميع كذب، وأن الحسين أخفي قبره ولا يعرف؛ ومع ذلك فإنهم لا يزالون في العراق يتعبدون حوله طوافا واعتكافا، وتمسحا وتبركا به، واعتزازا به، وافتخارا بأنه عندهم، ثم مع ذلك.. يدعونه في الأماكن القريبة والبعيدة، ويهتفون به وينادونه من دون الله.
في ولاية الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود -رحمه الله- لما تمت الولاية له استولى على نجد وطهرها، وكذلك فتح في عهده الحجاز وطهرها ونظفها، وامتدت -أيضا- ولايته إلى أدنى العراق واستولى على العراق ثم هدم مشهد الحسين الذي هو كربلاء ومشهد على الذي هو النجف وأمر بتسويتها، وإزالة الأعلام التي كانت فيها، وطهرها وطهرت تلك الأماكن، ولم يبق فيها شرك؛ ولكن استاء الرافضة من ذلك، وأحزنهم أن يبقوا هكذا، وأن يزول عنهم فخرهم في زعمهم، فتبرع أحد الرافضة من العراق وقال: أنا أقتل ابن سعود أنا أقتله أبتغي بذلك وجه الله، فجاء إلى الدرعية كان الإمام في الدرعية وأظهر التعبد والتنسك، وأظهر أنه يريد التعلم، وصاروا يسمونه المهاجر، ووثقوا به، ولما تمكن.. قتل الإمام، يعني: طعنه بحربة حتى قتله، واحتسب بقتله أنه شهيد، لما قتله قُتل، احتسب أنه انتصر للحسين الذي ظُلِم وأمحيت معابده التي كان يعبد فيها، وأنه بذلك جاهِدٌ مجاهدٌ، دليل على أنهم يحقدون على من أنكر عليهم. لا شك أن هذا من الشرك في الحسين وعبادتهم له.
كذلك في مصر قبر الحسين -أيضا- عنده شركيات، وعنده قربات يتقربون إليه، المتأخرون يقولون: إن الحسين لما قتل فإن جثته دفنت في العراق وأما رأسه فإنه أرسل إلى الشام إلى يزيد بن معاوية وهو في دمشق الشام وأن هناك من أخذه ونقله من الشام حتى دفن في مصر والصحيح: أنه ما نقل، وأنه دفن مع جثته في العراق وأنه أخفي؛ ولكن الشيطان أوحى إلى هؤلاء وإلى هؤلاء.
وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة بعنوان رأس الحسين ، طبعت مفردة قديما، وكذلك أيضا توجد في مجموع الفتاوى حقق فيها موضع رأس الحسين أنه في العراق وأنه ما ذُهب به إلى الشام ولا إلى مصر وأن هذه الأماكن التي يدعون أنها قبر الحسين سواء قالوا: إنها قبر رأسه أو قبر جثته؛ أنها كلها لا حقيقة لها؛ ولكن –هكذا- الشيطان يسول لأوليائه؛ حتى يوقعهم في هذه الشركيات.
وأما النجف فإنهم يدعون -أيضا- أن فيه قبر علي هو في العراق وفيه -أيضا- شركيات، يتعبدون فيه بعبادات مبتدعة تقشعر من ذكرها الجلود. الصحيح.. أن قبر علي -رضي الله عنه- لا يُعرَف، وأن أولاده ومن حولهم لما قتل أخفوا قبره في الكوفة مخافة أن ينبشه الخوارج؛ لأن الخوارج هم الذين قتلوه، ابن ملجم خارجي، فهم أخفوه؛ حتى لا يتبرك به أحد، أو حتى لا يحرقه أحد.
قد ورد في حديث: أن عليا تهلك فيه طائفتان: طائفة غلَت، وطائفة جفَت. فالغلاة: الرافضة. والجفاة: الخوارج والنواصب. هلك هؤلاء بالغلو والزيادة، وهلك هؤلاء بالتكفير والتضليل، فلما كان كذلك اتفق الذين دفنوه أن يخفوه، دفنوه ليلا وأخفوه بعيدا عن هذا المكان الذي يسمونه النجف ؛ ولكن الشيطان أوحى إليهم أن يعبدوه في هذا المكان ويتعبدوا فيه؛ فإن فيه قبر علي فصدقوا الشيطان وصاروا كذلك.