قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
81806 مشاهدة
من شروط كلمة التوحيد الكفر بالأنداد

...............................................................................


ثم إن بعض المتأخرين.. ألحقوا بها شرطا ثامنا، وأخذوه من هذا الحديث: من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله فجعلوا هذا شرطا ثامنا، ونظمه بقوله:
وزيد ثامنهـا الكفـران منـك بما
سوى الإلـه مـن الأنـداد قد أُلِهَا
أي: جُعِلَ هذا شرطا ثامنا وهو: أن يكفر بالأنداد التي تُعْبَدُ من دون الله.
فإذا اجتمعت هذه الشروط الثمانية لكلمة الإخلاص نفعت قائلها؛ وذلك لأنه يكون لها تأثير بليغ؛ حيث إنه يحب عبادة الله، ويتقبلها، وكل سنة أتته أسرع إليها وامتثلها، وكل مُحَرَّمٍ سمعه ابتعد عنه وتركه.
وكذلك يتلذذ بالطاعة، ويجد لها حلاوة وطلاوة، وكذلك تنفر نفسه من المعصية، ويبتعد عنها.
ويكون -أيضا- من آثار ذلك: أنه يحب أولياء الله، يحب الصالحين، ويحب المؤمنين، وإذا أحبهم اقتدى بهم بحسب قدرته، عمل مثل أعمالهم، وتعلم كعلومهم، وسار على نهجهم، وتقبل إرشاداتهم.
وكذلك أيضا يَبْغَضُ أعداء الله الذين هم الكفار، والفساق -ولو كانوا أقارب- يبغضهم، ويمقتهم، ويُحَقِّرُ من شأنهم، وإذا أبغضهم ابتعد عنهم، وهجرهم، وترك أعمالهم، وحذرها، الأعمال التي بها صاروا كفارا، أو صاروا منافقين، أو صاروا فساقا وعصاة لله –سبحانه- يعرف أنها من المحرمات، وأنها هي التي تسبب سخط الله وغضبه.
فإذا أبغضهم أبغض أعمالهم، وإذا أبغض أعمالهم ابتعد عنها؛ لأن الذين يقولون: إننا نبغض الكفار، ونبغض العصاة؛ ومع ذلك يجالسونهم، ويؤانسونهم، ويمازحونهم، ويخالطونهم، أو يوافقونهم في كثير من أعمالهم؛ فمثل هؤلاء ما صدقوا في أنهم من الذين حَقَّقُوا معنى: لا إله إلا الله.
لا شك أن العاصي الْمُصِرَّ على معصيته؛ مع معرفته بأنها معصية.. لا شك أنه ناقص الإيمان، وناقص الاتباع، وناقص التصديق، ونقص إيمانه وتصديقه بحسب تلك المعصية أيًّا كانت. ينتبه المسلم، ويبتعد عن كل شيء يُنَقِّصُ إيمانه، أو ينافي كماله؛ سواء حلق اللحى، أو التكبر، وجر الثياب، أو مجالسة العصاة وإكرامهم، أو ما أشبه ذلك من المحرمات.