اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
81749 مشاهدة
معروف الكرخي

...............................................................................


مثل معروف الكرخي قبره موجود في مصر ويتوافد إليه خلق كثير يتعبدون عند قبره؛ حتى يقول بعضهم: قبر معروف الترياق المجرب، أي: الدواء النافع. شبهوه بالترياق: وهو الدواء الذي يعالج به مَنْ أكل السم؛ حتى يطيب، الترياق المجرب. انخدع كثير من الناس به عند قبره وفي مكان بعيد؛ حتى في البحار يدعونه: يا معروف أنجنا.. يا معروف خذ بأيدينا.. يا معروف اشفع لنا، ارزقنا. فالذين عند قبره يتعبدون ويدعونه، والبعيدون يهتفون باسمه، ويكثرون من دعائه ومن التضرع إليه، ينخدعون بكثير من الحكايات التي تحكى عن الذين يأتون إليه.
كثير من هؤلاء الذين يأتون إلى قبره، ثم يقع لهم حالة يروونها وقد يزيدون فيها، فيقول أحدهم: دعوت معروفا فنجاني، أو استشفعت به فشفع لي، ونفعني، ووفى ديني، ونصرني، ورزقني مالا وأولادا، وآتاني من كذا، وأعطاني، وأوفى عني، فتكون فتنة لكل من يستمع عنه.
هو متوفى في القرن الثالث، وله ترجمة مشهورة في كتب التراجم، في الطبقات، وفي البداية والنهاية، وفي سير أعلام النبلاء، وفي التاريخ الكبير -تاريخ الذهبي - وغيرها، والحكايات التي تنقل عن الذين يأتون إليه كلها أو جلها لا أصل لها. معروف كان من الزهاد الذين زهدوا في الدنيا، وتعبدوا وتقشفوا، وانقطعوا عن الشهوات، فكان من الصوفية المعتدلة الذين يتعبدون بالعبادات الشرعية، وينقطعون عن الشهوات، وعن الملذات الدنيوية من باب التقشف، فأما أنه يستغاث به أو يدعى مع الله فإن ذلك هو الشرك.