إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
81737 مشاهدة
كلمة التوحيد شعار الإسلام

...............................................................................


ولما كان هذا أهميتها: أنها الفارقة بين الإسلام والكفر؛ جُعِلَتْ شعارا للإسلام.. شعارًا للمسلمين، وعلامة على أنهم مسلمون، وجُعِلَتْ -أيضا- شرطا لكثير من العبادات. فمثلا: الْخُطَبُ المنبرية في الجمع والأعياد.. لا بد فيها من هذه الشهادة. ورد في حديث: كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء أي: العائبة، أو المقطوعة. وكذلك جُعِلَتْ في الأذان الذي هو شعار البلاد الإسلامية؛ يرفع المؤذنون أصواتهم بقولهم: أشهد أن لا إله إلا الله –مرتين- أشهد أَنَّ محمدًا رسول الله -مرتين-. ثم يختم النداء بـ لا إله إلا الله؛ علامةً على أن البلاد بلاد إسلام؛ ولأجل ذلك.. كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يُغِيرَ على قوم؛ سواء في بادية أو في قرية.. استمع وقت الصلاة، فإن سمع الأذان فإنه يعرف إسلامهم ويتركهم، وإن لم يستمع أذانًا عرف أنهم مشركون؛ فأغار عليهم، عرف أنهم لم يقبلوا الإسلام، ولم يعملوا به. فكان هذا هو السبب في الأمر بإعلان هذه الشهادة، ورَفْعِ الصوت بها في الأذان. وكذلك التشهد في آخر الصلاة، وفي وسط الصلاة، علَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه التشهد في الصلاة كما يعلمهم السورة في القرآن، وفيه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أمرهم أن يختموا الصلاة، أو كُلَّ ركعتين بهذا التشهد الذي فيه تجديد العقيدة، والذي فيه -أيضا- ختم الصلاة بهذه العبادة، وكأنه يقول بلسان الحال: أنا أصلي لك يا ربي، وأعتقد أنها لا تَصِحُّ العبادة إلا لك، وأعتقد أنك الإله الحق، وأن كل ما سواك من الآلهة المزعومة فإن إلاهيتهم باطلة. فيختم عبادته بذلك؛ ليتأكد من إخلاصه العبادة، وتحقق أنها لله وحده.
من جملة أفعال الصلاة: قراءتنا، وتكبيرنا، وأذكارنا، وأدعيتنا، وركوعنا، وسجودنا. وكلها تأله، كل أفعال الصلاة تعتبر عبادة، وتعتبر تَأَلُّهًا؛ فلأجل ذلك خُتِمَتِ الصلاة بهذا التشهد؛ فكانت بذلك فارقةً بين الكفر والإسلام، مَنْ قالها وعمل بها فهو مسلم، ومَنْ أَبَى وامتنع عنها فليس بمسلم، ومن قالها؛ ولكنه لم يحقق مدلولها فليس بمسلم.