عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
146086 مشاهدة
اشتراط المحرم للمرأة في السفر للحج

ومن الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم إذا احتاجت إلى سفر.


قوله: (ومن الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم إذا احتاجت إلى سفر):
اشتراط المحرم للمرأة في السفر يتعين عند حدوث الخوف، وذلك لأنها كانت قديما إذا سافرت على البعير لم يؤمن أن يعرض لها قطاع الطريق، ويعرض لها أهل الشر وأهل الفساد، وهي لا تقدر أن ترد عن نفسها؛ فلذلك اشترط لها المحرم.
وذهب المالكية إلى أنه يجوز لها أن تحج مع نسوة ثقات معهن محارمهن، وذلك لأن المالكية أغلبهم في المغرب وفي الأندلس وفي جهات أفريقيا البعيدة ويشق عليهم أن يحجوا كل عام، فلذلك لا يحج منهم إلا أفراد قلت، فقالوا: إذا تيسر للمرأة حج ولم يكن لها محرم، فإن عليها أن تحج مع نسوة ثقات معهن محارمهن، والجمهور قالوا: لا تحج إلا مع محرمها، لكن في هذه الأزمنة قد يتسامح في هذا الأمر؛ وذلك لعدم وجود الخلوة المحذورة، ولقصر المدة.
والخلوة هي : كون المرأة -مثلا- تسافر مسيرة شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر وهي راكبة على البعير يمر بها بعيرها يوما هنا ويوما هناك، ويخلو بها إنسان ليس بمحرم، أما في هذه الأزمنة فإذا ركبت في الطائرة أو في الباخرة أو في الحافلة ركبت بين نساء، ولم يكن أحد يتعرض لها ولا يميزها، واستقرت في مركبها إلى أن تنزل دون أن يتفطن لها ودون أن يعرفها أحد ودون أن يخلو بها أحد، فالخلوة في هذه الأزمنه قليلة، ومع ذلك لا يزال الشرط باقيا، لكن عند الضرورة يجوز ذلك كالخادمات اللاتي يقدمن بلا محارم، ويشترط أهلهن: عليكم أن تحجوا بهن، فإذا حجت مع حافلة في رحلة يميزون فيها النساء عن الرجال، ويجعلون لهن مستقرا خاصا، فلعل ذلك جائز للحاجة.
أما إذا كان الحج لا يحتاج إلى سفر كما لو كانت في مكة، فمكه قريبة لا تحتاج إلى محرم.