إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
145814 مشاهدة
صلاة الكسوف

باب صلاة التطوع
وآكدها: صلاة الكسوف؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعلها وأمر بها.
وتصلى على صفة حديث عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جهر في صلاة الكسوف في قراءته، فصلى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات متفق عليه .


[باب: صلاة التطوع]
التطوع، أي: التنفل بالصلاة، وقد يدخل في التطوع التطوع بالنفقات، والتطوع بالجهاد، والتطوع بالأذكار، ولكن هذا الباب مخصوص بتطوعات الصلاة.
أولا: صلاة الكسوف
قوله: (وآكدها صلاة الكسوف... إلخ):
لما وقع الكسوف في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج فزعا يجر رداءه، وقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة . وهذا أمر بالصلاة عند الكسوف.
والمراد بالكسوف : هو انمحاق نور الشمس أو ضوء القمر في وقت مخصوص، ويسمى كسوفا أو خسوفا، وقيل: إن الخسوف للقمر، والكسوف للشمس، فإذا وجد فإنهم يبادرون إلى الصلاة، وقد فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمر بها .
وفي صفتها عدة أحاديث أشهرها حديث عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جهر في صلاة الكسوف في قراءته ولو كانت نهارا يقرأ فيها جهرا، وصلاها أربع ركعات، وأربع سجدات، في كل ركعة ركوعان وسجودان، وهذا أصح ما ورد فيها.
ولكن ورد أيضا في صحيح مسلم أنه: صلى في كل ركعة ثلاث ركوعات أي: قام ثم ركع، ثم قام ثم ركع، ثم قام ثم ركع، ثم قام ثم سجد.
وفي حديث آخر أيضا في صحيح مسلم: أنه صلى ركعتين، في كل ركعة أربع ركوعات .
وفي سنن أبي داود: أن في كل ركعة خمس ركوعات .
ولكن بعض العلماء طعن في هذه الأحاديث ولم يصححها ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية. وبعضهم جعلها موقوفة، أي: الصواب أنها من فعل الصحابة لا من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعضهم صححها، ومنهم شيخنا الشيخ ابن باز - رحمه الله- وحملها على التعدد لصحة أسانيدها، أي: أنه صلى مرة بركوعين، ومرة بثلاث ومرة بأربع، ولا منافاة بين ذلك، فإن الكسوف غالبا يحصل في السنة مرة أو مرتين؛ حيث أن هذه سنة الله، فلا يقال: إنه لا يقع إلا مرة واحدة في كل عشر سنين، فلا بد أنه تكرر الكسوف في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن لم ينقل.