تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
94487 مشاهدة
السكوت على المنكر

وسئل فضيلته: ما رأيكم في داعية يرى المنكر ويسكت عليه بهدف إصلاحه فيما بعد ؟
فأجاب: قد يجوز ذلك إذا كان هذا المنكر متمكنا، ويصعب علاجه في أول مرة، وهناك منكرات أكبر منه، وقصد الداعية البداءة بالأكبر، رجاء القبول، ثم بعد ذلك يعود إلى الأصغر.
مثال ذلك: ما نقل عن بعض الدعاة أنه قدم على مناطق قد غمرها الجهل، حتى عبدوا القبور، واستباحوا الزنى والخمور، وشربوا الدخان، وأكلوا القات والشمة، ونحو ذلك، فبدأ هذا الداعية بالتعليم، وحثهم على تعلم القرآن وتدبره، وعالج الشرك ووسائله، وأقرهم على الدخان والقات والتبرج، لصعوبة التخلص منه، حتى إذا فقهوا وعرفوا الأحكام والحلال والحرام، هناك أقلعوا من أنفسهم، أو بين لهم حكمها وما يترتب عليها من المفاسد، مما حملهم على أن يتوبوا ويقلعوا عن جميع المعاصي.
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يمر على من يلعب بالشطرنج أو الميسر ويتركهم، بحجة أنهم إذا منعوا من ذلك انشغلوا بما هو أكبر منه، كقطع الطريق، ففي مثل هذه الأحوال يجوز السكوت على بعض المنكرات، رجاء علاجها بعد ذلك بالتي هي أحسن.
فأما سكوت الداعية عن التغيير مع القدرة على النصح والتوجيه فلا يجوز إذا لم يكن هناك مبرر لهذا السكوت، كالسعي لعلاجهم بعد ذلك، فإن هذا السكوت يكون حجة لأهل المعاصي، بقولهم: فعلناه بحضرة العالم فلان وأقرنا، فيتمكن هذا المنكر ويصعب علاجه، حتى ولو كان من صغائر الذنوب، أو مما يتهاون به العامة، والله أعلم.