تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
77307 مشاهدة
فضل الدعوة إلى الله

...............................................................................


ويدل أيضا على فضل الدعوة إلى الله؛ سيما إذا ترتب على ذلك الانتفاع والاهتداء والاقتداء؛ بأن تقبل أولئك الذين دعوتهم دعوتك وفرحوا بها وقبلوها واهتدوا بسببك، وفقهم الله وهداهم وأطاعوا أمر الله وعملوا الصالحات وتركوا السيئات؛ تابوا مما كانوا يعملونه؛ إن كانوا كفارا مشركين أو نصارى أو نحوهم، فتركوا دينهم وشركهم وكفرهم ودخلوا في الإسلام فأنت السبب فلك الأجر.
وإن كانوا مبتدعين بدعا عملية أو اعتقادية تخالف الدين أو تقدح بالتوحيد؛ فهداهم الله تعالى بسببك فلك مثل أجورهم وأنت على خير, وإن كانوا أهل معاصي ومخالفات وذنوب فاهتدوا بسبب دعوة هذا الداعي، وتركوا المعاصي وتابوا إلى الله تعالى، فإنه على خير، وله مثل أجورهم من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئا.
إذا أثاب الله تعالى هذا المهتدى فإنه أيضا يعطي الهادي مثل أجورهم, ما عملوا عملا إلا كان للذي تسبب في هدايتهم مثل هذا العمل، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء؛ جميع من اهتدوا بسببه له مثل أجورهم، وفضل الله تعالى واسع إذا صلى صلاة فله أجرها، ولك أيها الداعي مثلها، وإذا تصدق بصدقة فله أجر تلك الصدقة، ولك مثل ذلك الأجر، وإذا سبح تسبيحة فله أجرها تكتب له حسنة، ولك مثل ذلك، وكذلك بقية الأعمال يثيب الله تعالى الذين يدعون الناس، ويهتدي بسببهم من اهتدى, يثيبهم هذا الثواب الكثير، ويعطيهم هذا الأجر الكبير هذه فائدة هذه الدعوة.
ورد أيضا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- من دل على خير كان له مثل أجر فاعله أي وهو مع ذلك لا ينتقص أجر الفاعل، بل أجر الفاعل كامل وأجر الدال عليه كامل فضلا من الله تعالى، ولا شك أن هذا خير كثير.