القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
77254 مشاهدة
معنى الاستقامة

...............................................................................


ثم أمره بعد ذلك بالاستقامة. الاستقامة هي الاستمرار على الأعمال الصالحة والبقاء عليها والتزام العبد بها، وعدم الإخلال بشيء منها، وعدم الانحراف، وعدم الميل يمنة أو يسرة.
فالمستقيم هو الذي لزم الطاعة واستمر عليها وعاهد ربه على أن لا يترك عبادته، وعلى أن لا يترك ما أمره به أو يفعل ما نهاه عنه، فإن ذلك لا يكون مستقيما, المستقيم هو الذي يكون سيره سيرا عادلا غير مائل يمنة أو يسرة, أما غير المستقيم فهو الذي يروغ روغان الثعالب، يفعل الطاعة ثم يتركها يترك المعصية، ثم يفعلها فهذا هو الذي ليس بمستقيم.
استقم على أمر الله, قد أمر الله تعالى نبيه بالاستقامة، قال الله تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ أي: الزم أمر الله وتمسك به وسر عليه، واترك الانحراف والتخلي عن الطاعة، ملازمة الأوامر حقيقة الاستقامة وقال الله تعالى: فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ أي توجهوا نحو عبادته، واسلكوا الطريق الذي سار عليه أنبياؤه.
والذي شرعه لكم وهو الصراط السوي وهو الصراط المستقيم, جعله الله تعالى مستقيما؛ لأنه يوصل إلى دار كرامة الله وإلى ثوابه؛ ولذلك قال الله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ أي سيروا عليه سيرا سويا.
فالسير على هذا الصراط بالأعمال ليس بالأقدام إنما يكون ملازما للعبادة، إذا تركها قيل: فلان مال عن الطريق, إذا فعل المعصية قيل: فلان مال عن الاستقامة، بدل ما كان مستقيما ملازما للحق مال عنه, ولو كان سيره على الطرق الحسية سيرا سويا، ولكن يكون انحرافه بترك الطاعات أو بفعل المحرمات.