إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
77313 مشاهدة
الآثار الظاهرة للإيمان بالله

...............................................................................


فالإيمان بالله يستدعي آثارا ظاهرة, يكون من آثاره أن يعرف الله تعالى بأسمائه وصفاته وبآياته ومخلوقاته فيعرف أن الله تعالى هو الذي خلق الخلق، وهو الذي تكفل بالرزق: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ويعرف أن الله سبحانه هو الإله الحق لا يدعى غيره، ولا يرجى سواه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يستعان إلا به، وجميع أنواع العبادة لا تصلح إلا له.
كذلك أيضا يعرف ويعترف بأنه سبحانه خلق فقدر، ودبر فيسر، وأنه قدر مقادير الخلق بكل ما هو كائن، فإنه هو الذي خلقه، وكل ما هو موجود وما سوف يوجد فإن الله علمه وعلم ما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا.
وهكذا يدخل في ذلك الإيمان بأمره ونهيه، أنه أمر ونهى، أمر عباده بالأوامر ونهاهم عن النواهي، فالأوامر مثل قول الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا والنواهي مثل قوله: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ وأشباه ذلك كل هذا داخل في الإيمان بالله.