شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
77302 مشاهدة
النصيحة للرسول

...............................................................................


أما النصيحة للرسول -صلى الله عليه وسلم- فيدخل فيها أيضا النصيحة للرسل كلهم، ولكن نبي هذه الأمة على الأمة له حقوق؛ سواء كانت مختصة بحياته أو بعد موته، أن له عليهم حقوق أداؤها يكون من صدق النصيحة؛ فمن ذلك الإيمان برسالته كما قال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا الإيمان به يعني التصديق بأنه مرسل من ربه.
ومن ذلك محبته قال -صلى الله عليه وسلم- أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما أي تقدم محبته على محبة النفس والمال والأهل. ومن ذلك طاعته كما في قوله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ومن ذلك اتباع شريعته, اتباعه لما بلغه يقول تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أي اتبعوا سنته.
ومن ذلك تقبل ما جاء عنه قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وكذلك التأسي به قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أي قدوة أي اجعلوه قدوتكم، ثم قد يكون هناك حقوق له تختص به في حياته.
ولكن قد يدخل فيه تعظيم سنته مثل قول الله تعالى: لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ هذا ليس خاصا بحياته، بل إذا جاء أمر الله وأمر رسوله فلا يجوز لأحد أن يقدم بينهما، أن يتقدم قبل أمر الله وأمر رسوله كذلك قول الله تعالى: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ قد يقال: إن هذا خاص بحياته، ولكن روي أن عمر -رضي الله عنه- رأى رجلين يرفعان أصواتهما في المسجد فقال: لا ترفعا أصواتكما في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وكذلك كان بعض الصحابة وبعض السلف، يقول: إن رفع الأصوات والتشويش على من يقرأ الأحاديث والسنة النبوية يدخل في الذين يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي، فيكونون بذلك قد عصوا وخالفوا ما أمر الله به، كذلك قول الله تعالى: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا أمرهم بأن لا يقولوا يا محمد بل يقولوا يا رسول الله، لا يدعوه باسمه، ولو كان اسمه الذي هو العلم والذي سمي به، ولكن تميز بهذه الصفة، فلا تجلعوا دعاءه كدعائكم أي كدعائكم بأسمائكم، ادعوه بما تميز به.
فالحاصل أن النصيحة للنبي -صلى الله عليه وسلم- يدخل فيها تعظيم سنته، وكذلك أيضا احترامه في حياته واحترام سنته وأقواله بعد مماته.