تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
26552 مشاهدة
من أبغض شيئا مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أو رده

أما الناقض الثالث: فذكر أنه (من أبغض شيئا مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أو رده).
لا شك أن الواجب تَقَبُّل دين الإسلام، وعدم رد شيء منه، وعدم الإنكار لشيء من هذا الإسلام، فالإسلام الذي هو الشريعة سواء كان اعتقادات أو أعمالا كله مُجْتَمِع لا يتجزأ ولا يتفرق، فمن قبل بعضا دون بعض اعتبر قد فرق بين ما أمر الله تعالى به، فالواجب على المسلم أن يحب الله تعالى، وأن يحب كل من يحبهم الله، وأن يحب كل شريعة أمر الله بها، وأن يفعلها وهو مطمئن بها، معتقد أن فيها الفلاح والفوز والظفر.
هكذا يكون المؤمن، يحب الصلاة ولو كانت ثقيلة على بعض النفوس، قال تعالى: وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فالذين هدى الله تعالى خفيفة عليهم، ومحبوبة لديهم، ولذيذة في نفوسهم، يحب الصدقات، يحب الصيام، يحب الحج والعمرة، يحب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يحب كتاب الله تعالى، يحب ذكره ويتلذذ به، يحب دعاء الله تعالى، يحب التفكر في آياته وفي مخلوقاته، وهكذا أيضا يحب أولياء الله الذين يحبهم الله تعالى، فيحب كل مؤمن، ويتقرب إلى الله تعالى بمحبتهم، فيحب النبي صلى الله عليه وسلم، ويقدم محبته على محبة كل شيء.
ومعلوم أنه إذا فعل ذلك أبغض ضده ولا بد، فالمؤمن المسلم الموحد يبغض الشرك وينفر منه، ويبغض المعاصي ويبتعد عنها، ويبغض البدع ويبتعد عنها وعن أهلها، وكذلك يبغض الذنوب صغيرها وكبيرها؛ ولو كانت تشتهيها النفس، ولو كانت تميل إلى بعضها، ولو كانت لذيذة عند النفوس أو عند بعض النفوس المريضة، فيبغض الغناء وينفر منه، ويبغض الزنا، ويبغض الخمر ولو كان شرابا روحيا لذيذا -كما يقولون- ويبغض اللهو واللعب، وكل شيء يبغضه الله تعالى.
فإن من أحب الطاعات أبغض المعاصي، ومن أحب المعاصي أبغض الطاعات، ومن أحب الله أبغض أعداءه وأحب أولياءه، ومن أحب أولياء الله أبغض أعداءه، وأحب الله وأحب شرع الله تعالى.
فهكذا يكون المسلم أنه لا يبغض شيئا مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتبرأ منه؛ بل يحب ذلك ويتلذذ به، وهكذا كان الصالحون، الصالحون من عباد الله كانوا يتلذذون بالطاعة، كانوا يتلذذون بقيام الليل، يرون أنه سرورهم وبهجتهم، كانوا يتلذذون بذكر الله تعالى، يقول قائلهم:
بذكر الله ترتـاح القلوب
ودنيانا بـذكراه تطيب
يعني بقوله: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ هذا كان دأبهم؛ يحبون الله ويحبون ما يحبه الله، ويبغضون ما يبغضه الله.
فمن أبغض شيئا مما جاء عن الله تعالى فقد ارتد وكفر وانتقض دينه؛ وذلك لأنه لم يكن مطمئنا بأن هذا من الله تعالى؛ ولو كان كذلك لأحب كل ما جاء عن الله سبحانه، فإذا أبغض شيئا من السنة أو من الشريعة الإسلامية وتمنى أنه ما جاء، وقال: ليت الله ما حرم الزنا، ليت الله ما حرم الخمر، ليت الله ما حرم الغناء، ليت الله ما حرم السفور والتبرج، وما أشبه ذلك، ليت الله ما أوجب الصلاة، ليته ما أوجب الزكاة، ليته ما أوجب الصيام، أو ما أشبه ذلك؛ نقول: هذا قد كَفر حيث أنه أبغض الشريعة وأبغض أفرادها، فيكون بذلك قد أبغض ما جاء عن الله، واعتقد أن الله تعالى ليس حكيما، أنه يأمر بما لا تحبه النفوس، يأمر بما لا يتلاءم مع النفوس، وأنه سبحانه يشرع أشياء لا تناسب العقول، وهذا خطأ كبير، هذا ناقض من النواقض.