شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
26554 مشاهدة
مظاهرة المشركين على المسلمين

ذكر من النواقض: (مظاهرة المشركين على المسلمين) يعني: معاونة المشركين والكفار وإمدادهم بقوة على المسلمين، ولو كان يدعي الإسلام، ولو كان يتلفظ بالشهادة، فإذا عرف أن إنسانا يعين الكفار إذا قاتلوا المسلمين أو أوقعوا بالمسلمين وقيعة أيا كان أولئك المسلمون، يعين الكافر، ويسدده ويمدحه، ويحسن فعله وهو يبطش بالمسلمين؛ فمثل هذا قد أقر هذا الكافر على عذابه للمؤمنين؛ فيعتبر قد صار مثله، مظاهرة المشركين.
وكذلك أيضا موالاتهم قال الله تعالى: لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ هكذا أخبر الله تعالى بأنهم إذا تولاهم وأعانهم وساعدهم وأعانهم على ما عليه، أو أعانهم على قتال المسلمين، على قتال المسلم، وعلى البطش بالمسلمين، أو أمدهم بأسلحة، أو قوَّاهم، أو ساعدهم بنوع من المساعدة؛ اعتبر مثلهم، فيكون كافرا مثلهم.
وذلك لأن هذا دليل على أنه يحب المشركين ويبغض المؤمنين، لماذا؟ لأنه أحب هؤلاء وفضل دينهم، وأبغض هؤلاء ومقت دينهم، ولو شهد الشهادتين، ولو صلى، ولو تصدق، ولو ذكر الله، ولو دعا الله، ولو قرأ القرآن، ولو احترم كتاب الله؛ فإن فعله هذا يُكذب قوله. هذا من نواقض الإسلام.