إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح مختصر زاد المعاد
33127 مشاهدة
فوائد الطهارة بالماء وأهميته

...............................................................................


نعمة من أكبر النعم وأجلها هذا الماء، لو غار الماء لهلك الناس لو فقدوا الماء لهلكوا ولهلكت أنعامهم ولهلكت أشجارهم، ولكن هو أغلى الأشياء، وكذلك هو أيسرها وهو أسهلها تناولًا، يسره الله تعالى وسهل الوصول إليه.
فمن فوائده الطهارة، أنه يستعمل في الطهارة؛ فينظف النجاسات الأقذار والنجاسات التي على البدن أو على الثياب أو على البقعة ينظفها ويطهرها، قال تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وكذلك يرفع الأحداث، الحدث أمر معنوي يحل بالبدن يمنع من الصلاة والطواف ومس المصحف ونحوها، وهذا الحدث يرتفع بالوضوء عند وجود الماء، وبالتيمم عند عدم الماء، أمر معنوي سببه أحد النواقض التي هي نواقض الوضوء، إذا وجد ناقض حل بالبدن هذا الأمر فيسمى حدثًا، ويرتفع الحدث باستعمال الماء أو باستعمال التراب عند عدم الماء.
ثم بين الله تعالى كيفية هذا التطهر قال تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ؛ أي واغسلوا أرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثم قال: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وفي آية أخرى: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا فبين الطهارة الصغرى وهي الوضوء، والطهارة الكبرى وهي الاغتسال.
ولا شك أن الله ما أمر بها عبثًا؛ بل فيها حكم عظيمة وفوائد جسيمة لا يعلم قدرها إلا الله تعالى، فإن استعمالك لهذا الماء في هذه الأعضاء أولًا: فيه امتثال أمر الله تعالى أنك أطعت الله حيث غسلت هذه الأعضاء عند إرادتك للصلاة.
ثانيًا: لا شك أن فيه تنظيفا لهذه الأعضاء، فإن الوجه يقابله غالبًا التراب والغبار ونحو ذلك، وكذلك اليدان يعمل بهما ويكونان غالبًا بارزتين فيلاقيان الأعمال والغبار وما أشبهها، وكذلك الرجلين أي يلاقي بهما أيضًا التراب والغبار، فشرع غسل هذه الأعضاء، ولما كان الرأس في غسله مشقة لما عليه من الشعر اكتفي بإمرار اليدين عليه مبلولتين بالماء وهو المسح، فكان في ذلك تنظيف لهذه الأعضاء.
ثم فائدة ثالثة وهي: النشاط، فمعلوم أن غسل الوجه يكسب الإنسان نشاطًا، ويزيل عنه الكسل، ويزيل عنه النعاس والخمول، وكذلك غسل اليدين والذراعين، وغسل القدمين، يكسب البدن نشاطًا وقوة، فالله سبحانه وتعالى ما شرع هذه الطهارة إلا لحكمة عظيمة.
كذلك أيضًا الاغتسال سببه بالنسبة للرجل الإنزال والجماع ونحو ذلك، فإذا حصل منه هذا الإنزال فالغالب أنه يحصل معه إكسال، ويحصل معه بعد ذلك الإنزال شيء من الفتور، فيناسب أن يغتسل يغسل بدنه ليعوض البدن بما خرج منه من ذلك المني يقويه يكسبه قوة، وهذا شيء محسوس، أن الذي لا يغتسل بعد الوطء أو بعد الاحتلام يحس بخمول؛ ويحس بكسل وبتثاقل؛ فإذا اغتسل أحس بنشاط وأحس بقوة.
وهكذا أيضًا الاغتسال للنظافة لا شك أيضًا أنه يكسب البدن نشاطًا وقوة، معلوم أنه إذا أحس بالنشاط من آثار ذلك أحب هذا العمل، الإنسان يحتاج إلى أن يغسل بدنه بعد الوسخ أو العرق أو بعد طول العهد ولو لم يكن عليه حدث، وبعد ذلك يكتسب نشاطًا وقوة، لا شك أن الله تعالى ما شرع هذه الطهارة إلا لحكم عظيمة يعرفها من تتبعها وتأملها.