تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
78780 مشاهدة
إثبات البقاء والإرادة لله تعالى

باق فـــلا يفنـى ولا يبيــــد
ولا يكون غـير مــا يـريــــد
هذا أيضا من صفات الله تعالى أنه باقي فلا يفنى، هو الحي: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ يعني: أنه لا يفنى ولا يموت، والجن والإنس يموتون، ولا يبيد يعني: لا يفنى، باد الشيء يعني فني واضمحل أثره، الله تعالى باق فلا يفنى، وباق فلا يبيد.
..................................
ولا يكون غـير مــا يـريــــد
هذه من صفات الأفعال أنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأنه من خلقه: إنما يقول للشيء: كن فيكون، كل ما يريده فإنه يحصل، وما لا يريده فإنه لا يحصل، لا يكون غير ما يريد، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. والإرادة هاهنا: هي الإرادة الكونية؛ لا يكون غير ما يريده كونا وقدرا.
منفــرد بـالـخـلـــق والإرادة
وحـاكــم جــل بـمــــا أراده
تفرد بالخلق: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ جميع المخلوقات فهو خالقها؛ خالق الخلق، وخالق أفعالهم، وخالق حركاتهم، وهو الذي يردهم إذا شاء، ويمدهم إذا شاء؛ فلذلك انفرد بالخلق، وانفرد بالإرادة. الإرادة هاهنا عامة للإرادة الكونية، وللإرادة الشرعية؛ ولهذا قال: وحاكم جل بما أراده، يعني: يحكم بما يريد في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ما أراده فإنه يحكم به دون أن يحتاج إلى من يعينه، أو لا يقدر أحد على أن يرد ما قدره وما شاءه، في الدعاء المشهور: ما شاء الله كان وما لم يشأ ونظم ذلك بعضهم بقوله:
فما شـئت كـان وإن لـم أشـــأ
وما شئت إن لم تـشـأ لـم يـكـــن
يعني: أن ما شاءه الله تعالى فلا بد أن يقع؛ أي: لأن مشيئته نافذة، ولأن حكمه نافذ؛ فهو حاكم بما أراده؛ بما أراده؛ قدره فإنه حاكم به.
فمـن يـشــأ وفـقـه بفضلــه
ومن يـشــأ أضـلـه بـعـدلــه
من شاء فإنه –سبحانه- يوفقه؛ من هداه الله تعالى فذلك فضل منه، فالعبد لا يهدي نفسه، ولكن الله تعالى يهدي من يشاء؛ ومن هداه الله، فإن لله عليه نعمة، أنعم عليه بهذه الهداية. وكذلك من أضله فإنه أضله بعدله، علم أن هؤلاء أهل ضلال، وليسوا أهل هداية فطردهم، وأبعدهم، وحكم في إبعادهم؛ لأنهم لا خير فيهم، وعلم أن هؤلاء الذين اهتدوا علم أنهم أهل للهداية فوفقهم، وثبتهم، وبصرهم، ودلهم على الخير، فهذه أسباب الهداية، هذه وغيرها مما يأتي كله مما يدل على تصرف الخالق -سبحانه وتعالى- بما يشاء. نتوقف عند هذا، ونواصل غدا إن شاء الله.
نقرأ في كتاب التوحيد ؛ نقرأ باب ما.