إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
136093 مشاهدة print word pdf
line-top
قرب الله تعالى ومعيته لخلقه

يقول:
كذا لــه العـلـــو والفـوقيـــة
علـى عبــــاده بــلا كيفيـــة
ومــع هذا مطـلــع إلـيـهـــم
بعلـمــه مهيـمــن علـيهـــم
ما ذكر في القرآن والسنة من علوه وفوقيته لا ينافي ما ذُكر من قربه ومعيته، فقد أخبر تعالى بأنه مع العباد؛ قال تعالى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا أي: معهم بعلمه واطلاعه ورؤيته ومراقبته وهيمنته وتسلطه وتمكنه منهم، فهو معهم مع أنه فوقهم، وكذلك قوله تعالى: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى وكقوله: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ أي: عالم بكم، مطلع عليكم، يعلم أحوالكم، ويعلم أقوالكم، فدل ذلك على أنه مع عباده كما يشاء، بعلمه مهيمن عليهم.
وذكــره للقــرب والـمـعيــــة
لم ينـف للـعلــو والفـوقيــــة
ما ذكر في القرآن والسنة من علوه وفوقيته لا ينافي ما ذكر من قربه ومعيته، فإنه سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فهو القريب في علوه، وهو العلي في دنوه.
هو علي مع كونه مع العباد يراهم، ويطلع عليهم، وهو القريب كما في قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ لما قالوا: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه؟ أم بعيد فنناديه؟ نزلت هذه الآية: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ واستنبط بعض العلماء كابن القيم من قوله تعالى: إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ لماذا لم يقل: إن رحمة الله قريبة؟ فذكر الجواب، وذكر أن رحمة الله تعالى قريبة، وأنه قريب، فقوله: قَرِيبٌ ليدل على أنه قريب، كأنه قال: إن الله قريب برحمته، ذكره للقرب والمعية لا ينافي ما ذكر في الكتاب من العلو والفوقية.
فإنـه العـلــي فــي دنــــوه
وهو القـريب جـل فــي علــوه
علي في دنوه يعني: في قربه، قريب في علوه هو العلي مع كونه قريبا من عباده:

line-bottom