إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
82487 مشاهدة
مسألة: في الحوض

قوله:
( ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حوض في القيامة ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وآنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا . )


شرح:
الإيمان بالحوض داخل في الإيمان باليوم الآخر، وما ذاك إلا لأننا نؤمن بكل ما أُخبرنا به بعد الموت، وفي يوم القيامة أخبرنا بأنه يكون في الحشر أحوال ومن جملتها الحوض المورود.
ومعروف أن الحوض أصله ما يصنعه أهل البوادي من جلود الإبل ويجعلون له أعوادًا يعتمد عليها ، ثم يصبون فيه الماء لتشرب فيه الإبل أو الأغنام أو نحوها ، ويحملونه معهم لكونه خفيفًا.
ويطلق الحوض على كل ما يجمع الماء ، والعادة أنه يجتمع في الأحواض وفي المستنقعات وهي الأماكن المنخفضة التي يجتمع فيها ماء المطر ونحوه، وقد تسمى الخزانات التي تستعمل الآن أحواضًا، وهي ما يعرف بالجوابي في قوله تعالى: وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ (سبأ:13) فالجابية هي: مجمع الماء الذي يصلح بآجر أو بجص أو نحوه أو بحجارة حتى لا يُسرب الماء، ويجتمع فيه ماء النواضح الذي ينضح من الآبار، فيكون واسعًا أو ضيقًا على حسب ما يريده أهل الماء، فيسمى هذا حوضًا، فالمجتمع الذي يجتمع فيه الماء هو الحوض.
وقد ورد في حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسيرة شهر في شهر؛ يعني: طوله مسيرة شهر وكذا عرضه أو طوله، من عدن إلى أيلة الشام يعني: من أقصى اليمن إلى أقصى الشام وهذا مقارب أنه مسيرة شهر أو أكثر من شهر، هذه مسافته.
وماؤه ورد أنه أحلى من العسل وأشد بياضًا من اللبن، وآنيته عدد نجوم السماء -أي: كيزانه التي فيه- يصب فيه ميزابان من الجنة، وقد فسر بالكوثر الذي في قوله تعالى : إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (الكوثر:1) وقيل: إن الكوثر نهر في الجنة، وأن هذا الحوض يُمد من ذلك النهر، يصب في هذا الحوض ميزابان من ذلك النهر الذي هو الكوثر.
ويَرِدُ عليه الناس تارة أفرادًا وتارة جماعات ليتمكنوا من الورود ويشربون، ومن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، وتارة تذودهم الملائكة إذا كانوا قد غيروا أو بدلوا أو ابتدعوا، ولم يكونوا حقًّا من الأمة المحمدية المحققين للاتباع.
والأحاديث في الحوض تزيد على أربعين حديثًا، كما في بعض الكتب التي كتبت في أشراط الساعة، وقد استوفاها ابن كثير في النهاية في آخر التاريخ وغيره، مما يدل على تنوعها وعلى ثبوتها، ويؤخذ من مجموعها ما ذكر من صفة الحوض.