اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
82433 مشاهدة
مسألة: قول الإمام الشافعي - رضي الله عنه - في الصفات

قوله:
( قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله. )


شرح:
الإمام الشافعي مُعترَف بإمامته، وله مكانة عند الأمة، وهو عالم قريش، فتح الله عليه، ورزقه فهمًا وإدراكًا ومكانة وشهرة في الأمة، واعتنق مذهبه الفئام من الناس الذين تمذهبوا بمذهبه، وساروا على طريقته في الفروع، ولكن مع الأسف إن كثيرًا منهم خالفوه في الأصول فرجحوا عليه أبا الحسن الأشعري وإن كان الأشعري أيضًا قد رجع عما قاله.
فيقال لهم: إن الشافعي - رحمه الله - في العقيدة على مذهب السنة وعلى مذهب سلف الأمة، فإذا كنتم تقتدون به فعليكم باتباعه، وبما جاء عنه سواء من المجملات، أو المفصلات.
وهو في هذا القول يصرح بما يعتقده، وإن كان مجملا، قال : آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله وكلنا نقول ذلك، لكن هل يفهم من قوله على مراد رسول الله و على مراد الله أنه غير مفهوم، أو أنه لا معنى له، أو أنّا لا ندري ما معناه؟ لا يفهم ذلك ؛ بل الأصل أن الشافعي وغيره يعرفون أن تلك النصوص لها معان مفهومة، حيث إنها ألفاظ عربية فصيحة ظاهرة لا خفاء فيها، فيعتقدون مدلولها، لكن قولهم على مراد الله ، على مراد رسول الله يريدون بذلك الكيفية التي أرادها الله، وخاطبنا رسوله ليفيدنا لا ليضلنا.
أما على طريقة المعتزلة ونحوهم فإنه قد يقال: إن هذا القرآن وهذه السنة ما زادت الأمة إلا حيرة، تعالى الله عن قولهم؛ لأنها أوقعتهم في الشكوك، وحملتهم على أن يتكلفوا في الصرف عن الظاهر، وأن يتأولوها تأويلات بعيدة، ولا شك أنه لم يكن مقصودًا للرسول أن يوقع الناس في الحيرة، ولا أن يكلفهم بالتكليفات التي سلكوها بالتأويلات التي أرادوا بها صرفها عن ظاهرها فإن ذلك غير مقصود.
وبكل حال: لا يفهم من قوله رحمه الله: على مراد الله ، وعلى مراد رسول الله أنه من المفوضة، بل هو يعلم معانيها، ويؤمن بها ويتحقق دلالتها، ولكن إنما يتوقف عن كيفية تلك الصفات، الكيفية التي هي عليها، فيقول: مراد الله محجوب عنا ومراد رسوله، يعني: بماهيتها وكنهها، وما هي عليه.

قوله: