يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
137227 مشاهدة print word pdf
line-top
الزيارة الشرعية للقبور

ذكر بعد ذلك زيارة القبور:
ثـم الزيـارة علـى أقسـام
ثلاثـة يـا أمــة الإسـلام
فإنمـا الزائـر فيما أضـمره
فـي نفسـه تذكـرة بالآخرة
ثـم دعـا لـه وللأمــوات
بـالعفو والصفـح عن الزلات
ولـم يكن شد الرحـال نحوها
ولم يقل هجـرا كقـول السفها
فتلـك سـنة أتـت صريحـة
في السـنن المثبـتة الصحيحة
هذه الزيارة الشرعية:
أولًا: أن يكون الزائر يقصد تذكر الآخرة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كنت نهيتكم عن زيارة القبور؛ فزوروها فإنها تذكر الآخرة - أي - تذكركم بالآخرة، هذه زيارة شرعية، لم يكن يقصد إلا أن يتذكر الموت، ويتذكر ما بعد الموت، كذلك إذا قصد الدعاء للأموات، الدعاء له، والدعاء للأموات؛ وذلك لأن الأموات بحاجة إلى ....
من آثار دعائه خير كثير؛ ولذلك علم النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه الدعاء للأموات؛ أن يقول الداعي إذا أتى إلى المقابر: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، أنتم لنا سلف ونحن بالأثر، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، وأغفر لنا ولهم ففي هذا دعاء لهم، فإن السلام دعاء، وهم بحاجة إلى من يدعو لهم. وكذلك قوله: يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين دعا لهم بالرحمة؛ وكان -عليه السلام- يقول: اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد – يعني - البقيع الذي دفن فيه الصحابة ومن بعدهم، اللهم اغفر لهم، ويقول في هذا الدعاء أيضا: اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم ففي هذا دعاء لهم بالعفو، وبالصفح عن الزلات، وبالمغفرة، وبالرحمة. فيأتي إليهم أجر كبير كثير وهم بحاجة إلى الدعاء لهم.
هذا مقصد، تذكر الآخرة، والدعاء للأموات،ثم لا يكون هناك شد رحل؛ بل يدعو لهم، أو يزورهم من طرف البلد؛ وذلك لأن أهل كل قرية فيها مقبرة.
لكـل أنـاس مقبـر بفنائهم
فهم ينقصون والقبـور تزيد
فهذه المقبرة يأتي إليها قريبا ويسلم على أهلها، ويدعو لهم، ويترحم عليهم، ويتذكر الآخرة، فأما شد الرحال؛ فلا يجوز - يعني - لا يجوز أن يرحل إلى قبر بعيد لأجل أن يدعو له أو يتذكر الآخرة؛ بل يدعو لهم ولو كان في أية مكان، يدعو دعوة للمسلمين، ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا و المسجد الأقصى - أي - لا يجوز أن تعمل المطي لأجل زيارة القبور؛ وسبب النهي: أنه ربما إذا زارها اعتقد أن لها أهمية، وأن لهذا القبر الذي أتينا إليه من بعيد مكانة، وقد يعتقد ذلك أيضا الجهلة؛ فيرحلون إليها من مكان بعيد، ثم يؤدي ذلك إلى عبادتها أو إلى الغلو فيها.
ثم من شرط ذلك ألا يقول هُجْرَا - أي - ورد في الحديث زوروا القبور ولا تقولوا هجرا ( والهجر ): إما أنه الكلام السيئ، وإما أنه الندب، وما أشبه ذلك، كما إذا تذكر ميته؛ فأخذ ينوح، ويصيح ويدعو بالويل والثبور ويقول: وا أخواه، وا ولداه. وما أشبه ذلك؛ فهذا قول السفهاء.
فهذه سنة صريحة واردة في السنن المثبتة الصحيحة بهذه الشروط:
أولًا: تذكر الآخرة.
ثانياً: الدعاء للأموات.
ثالثاً: عدم شد الرحال إليها.
رابعاً: ألا يقول هجرا في زيارته.

line-bottom