اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
109524 مشاهدة
اتصالات الروح

...............................................................................


ذكر العلماء أن للروح في الجسد خمس اتصالات:
اتصال وهو في الرحم قبل أن ينفصل إلى الدنيا، ولأجل ذلك تحس به الحامل أنه يتحرك في بطنها، دليل على أن فيه روحا، وإن كانت تلك الروح لم يتكامل وجودها.
والاتصال الثاني: في هذه الدنيا في اليقظة، فإنهم يعلمون أنها اتصلت به، وأنه يتحرك بواسطة هذه الروح، ويتقلب في أمره، ولا يتحرك منه جزء -ولو شفير عينه- إلا بواسطة هذه الروح.
والاتصال الثالث: في النوم. معلوم أيضا أنه حَيٌّ وهو نائم، ولأجل ذلك يستيقظ إذا أوقظ، ويشاهد أنه يتقلب مع أنه نائم، ومع أن روحه خرجت، ولكن ليس خروجا كُلِّيًّا.
أما الاتصال الرابع: فهو الاتصال في القبر، لا بد أن روحه تتصل بجسده كما يشاء الله، ولو أن جسده أصبح ترابا، فإن الله تعالى قادر على أن يوصل إليه شيئا من الحياة بهذه الروح.
أما الاتصال الخامس: فهو الاتصال في الآخرة عندما يُبْعَثُ حيا وذلك هو أتم الاتصالات، بحيث لا يعتريه بعدها نوم، ولا موت، ولا خمول، ولا ألم. ويكون اتصالا كُلِّيًّا، ومعلوم أن الأحكام تتفاوت بهذه الاتصالات.
فالأحكام في الدنيا على الأبدان، ولكن الأرواح تابعة لها؛ ولذلك العقوبات تكون على البدن، فالجلد للزاني، أو للشارب، أو القاذف على البدن، وكذلك القتل قصاصا على البدن، وكذلك أيضا قطع اليد في السرقة على البدن، والقصاص في الأطراف على الأبدان. أما الأحكام في البرزخ فإنها على الأرواح ولكن الأجساد تابعة لها، ولو قد بليت وفنيت، فالأحكام على الأرواح، الروح هو الذي ينعم، ويعذب، ويصعد، وينزل، ويسأل، ويجيب في البرزخ، فالأحكام على الأبدان في الدنيا، والأرواح تابعة لها، وعلى الأرواح في البرزخ، والأبدان تابعة لها.
أما في الدار الآخرة فإن الأحكام على الجميع -على البدن والروح-؛ وذلك لأن الروح قد اتصلت بالبدن اتصالا كُلِّيًّا، اتصالا كاملا، لا يعتريه بعد ذلك تغير ولا خروج ولا انتقال؛ فهذا دليل على أن الروح تنفصل عن الجسد.