الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
79959 مشاهدة
كراهية السلف لتعليق التمائم كلها

ذكر بعد ذلك حديث أو أثر إبراهيم ؛ إبراهيم بن يزيد النخعي من أصحاب ابن مسعود من صغار أصحاب ابن مسعود قد يروي عنه بواسطة أبي وائل أو بواسطة علقمة أو بواسطة الأسود أو نحوه يقول: كانوا يكرهون التمائم كلها؛ من القرآن وغير القرآن، يحكي عمن كانوا أصحاب ابن مسعود ابن مسعود -رضي الله عنه- كان له تلاميذ في الكوفة قرءوا عليه، واختصوا به، وصاروا من الثقات العدول، وتتلمذوا أيضا على عائشة وتتلمذوا على ابن عباس وابن عمر وعلي وغيرهم؛ ولكن كان لهم خصوصية بابن مسعود فمنهم الأسود وعلقمة وإبراهيم وأبي وائل ونحوهم يسمون أصحاب ابن مسعود ؛ فكثيرا ما ينقل عنهم إبراهيم يقول: كانوا يقولون كذا، كانوا يفعلون كذا، يريد بذلك تلامذة ابن مسعود ومعلوم أيضا أنهم أخذوا ذلك عنه؛ لأنهم تتلمذوا عليه كثيرا؛ فلذلك كانوا يقتدون بأقواله وبأفعاله؛ وذلك لقدم صحبته، ولفضله، ولكثرة علمه.
روي أن عمر -رضي الله عنه- سأله عن مسألة فأجاب فيها، ثم مدحه بقوله: كنيف ملئ علما؛ أي: وعاء مملوء علما.
فدل ذلك على أن أصحاب ابن مسعود أخذوا عنه أنهم يكرهون التمائم كلها، فالسلف يطلقون الكراهة على التحريم، الكراهة التي هي كراهة تنزيه هذا اصطلاح عند الفقهاء، حيث قسموا الأحكام إلى خمسة أقسام: إلى واجب، ومستحب، ومباح، ومكروه، وحرام، ولكن السلف يطلقون الكراهة على التحريم، قد جاء ذلك أيضا في القرآن قال الله تعالى في آيات من سورة الإسراء يقول قال: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ثم قال بعد ذلك: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا فمعلوم أن هذه محرمة؛ فدل على أن الكراهة تطلق على التحريم، فابن مسعود يرى أن هذه التعاليق كلها محرمة من القرآن وغير القرآن.
قد ترجح لنا تحريم التعاليق إذا كانت من القرآن؛ لما ذكر العلماء من هذه الأدلة، تجدون التوسع في ذلك في: تيسير العزيز الحميد ، وفي: فتح المجيد ، وفي سائر الشروح التي خدمت هذا الكتاب، والله أعلم، وصلى الله على محمد .