إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
80081 مشاهدة
الشهادة بالرسالة لنبينا صلى الله عليه وسلم

بعده يقول:
وأن خيـر خـلـقــه محـمـدا
من جـاءنـا بالبينـات والهــدى
هذه هي الشهادة الثانية.
رسـولـه إلـى جـميع الخــلق
بالنـور والهـدى وديــن الحــق
هذه شهادة أن محمدا رسول الله، أولا: أنه خير خلقه يعني أفضلهم، أفضل البشر، ثانيا: أن اسمه محمد سمي به لكثرة خصاله الحميدة، سمي به قبله سبعة عشر على ما قاله ابن الهائم (جاءنا بالبينات والهدى) كما أخبر الله: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ (الهدى): هو ما يدل على الحق وما يظهره، والبينات: الآيات المعجزة.
رسوله إلى جميع الخلق؛ يعني نشهد بأنه مرسل من ربه، (والرسول): من يحمل رسالة من قوم إلى قوم، والرسل هم الذين حملهم الله تعالى شرائعه، سماهم رسلا لأنه بعثهم وأرسلهم، والملائكة أيضا رسل قال الله تعالى: جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ يعني أنهم رسل من الله إلى الأنبياء؛ فالملك رسول من ربه إلى الرسول البشري، والرسول البشري رسول إلى أمته.
واختص نبينا -صلى الله عليه وسلم- بعموم رسالته إلى جميع الخلق، أنه مرسل إلى جميع الخلق، يقول في الحديث: وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة ؛ يعني كل نبي يرسل إلى قومه كما في قوله تعالى: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا يعني: أخوهم في النسب، وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا أما نبينا -صلى الله عليه وسلم- فإن رسالته عامة للقاصي والداني من جميع البشر من الجن والإنس، أرسله الله تعالى بالنور والهدى ودين الحق والبينات.
النور قيل: إن المراد به القرآن يقول الله تعالى: وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ وقال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وسمي بذلك لأنه يستنير به الطريق لمن يقرأه ويتمسك به، والهدى قد عرفنا في آخر البيت قبله بالبينات، والهدى: ما يهتدي به الناس ويعرفون به كيف يسيرون سيرا معنويا، ودين الحق ذكر في قوله: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ يعني الدين الصحيح الذي ليس فيه اعوجاج، وليس فيه انحراف، والذي هو حق وليس بباطل.