إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
80103 مشاهدة
الله تعالى هو الخالق البارئ المصور

يقول الناظم:
وأنه الـرب الجـلـيــل الأكـــبر
الخالق البـــارئ والـمـصـــور
يعني: نعترف بأنه هو الرب؛ الرب: هو المربي، والرب: هو المالك؛ دليل التربية قوله تعالى: وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا فالرب تعالى رب الخلق هو الذي رباهم بنعمه، وهو الذي أنشأهم وهو الذي خولهم وأعطاهم، فهو المربي لأجسادهم، والمربي لأبدانهم، ولعقولهم، ولذواتهم، والمربي لجميع المخلوقات.
كذلك أيضًا: هو الرب بمعني المالك، رب الدار يعني: مالك الدار، يقول عبد المطلب لأبرهة أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه. رب الإبل يعني: مالكها، فالله تعالى مالك الملك، فهو رب العالمين يعني: مالكهم، والمتصرف فيهم، وله الأسماء الحسنى فمن أسمائه: الجليل الذي له الجلال وله العظمة، ومن أسمائه: الكبير؛ ولهذا يقال: الله أكبر يعني: أكبر من كل شيء، فهو الكبير المتعالي، وهو أكبر من جميع المخلوقات، ولا نسبة للمخلوقات إلى الخالق.
وهو الخالق البارئ المصور، من أسمائه التي ذكرها في آخر سورة الحشر: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ المنفرد بالخلق وحده، وبالإيجاد والموجودات، وكذلك الباري الذي برأ هذه المخلوقات، برأ النسمة، وخلق العالم كله؛ خلق الأرواح، وخلق الأجساد؛ وذلك دليل على كمال قدرته، فخلق الملائكة مع أنا لا نراهم، وخلق الشياطين، وخلق الجن، وجعلهم أرواحا خفيفة لا تبصرهم أعيننا؛ قال تعالى: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ؛ فهو الخالق البارئ المصور الذي خلق الصورة، وقدر وجودها:
باري البرايـا منشـئ الخـلائــق
مبدعهم بــلا مثـــال ســابــق
هكذا باري البرايا، البرايا: هي الخلق في قوله تعالى: أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ .
(البرية) يعني: الخليقة فهو باري البرايا، البرايا هم الموجودون والخلق. (منشئ الخلائق) بمعنى ذلك: أنشأهم؛ قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ منشئكم يعني: خالقكم، مبدعهم يعني: مبتدئ خلقهم بلا مثال سابق، يعني: أنه هو الذي ابتدأ خلقهم، وابتدع إيجادهم بجميع أنواعهم: الصغير والكبير، البعوضة والذرة، والحيوان الكبير كالفيل وما أشبهه من الحيوانات:
......................................
مبدعهم بــلا مثـــال سـابــق
ابتدأ خلقهم على غير مثال سبق، ما هناك مثال سابق حتى ينشئ عليه؛ فدل ذلك على أنه هو المنفرد بهذه المخلوقات، وأن الخلق لا يقدرون على أصغر مخلوقاته؛ قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ؛ لو اجتمعوا كلهم على أن يخلقوا ذرة، يعني: ينفخوا فيها الروح، ويركبوا أيديها وأرجلها وسمعها وبصرها وأمعاءها التي في داخلها ما قدروا، مع أنها من أصغر المخلوقات، لو اجتمعوا على أن يخلقوا ذبابا، ويركبوا فيه أجنحته، ويركبوا فيه أعضاءه، ويجعلوا له جوفا وأمعاء وفما ودبرا، ما قدروا على ذلك. فهذا خلق الله وحده.
أما الصناعات ونحوها فإنهم يقدرون بما أقدرهم الله تعالى على أن يصنعوا هذه الصناعات وما أشبهها، ولكن لا يقدرون على أن يخلقوا شيئا من الحيوانات ولو كان صغيرا.