القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
90632 مشاهدة
ورع عمر بن الخطاب

وقال أبو عبيد أيضا: حدثنا يزيد عن حميد عن أنس أبو عبيد إسناده ثلاثي، في هذا أنه ليس بينه وبين أنس إلا اثنان، يزيد هذا يظهر أنه ابن أبي عبيد وحميد هو حميد الطويل تلميذ أنس ذكر أن عمر رضي الله عنه قرأ على المنبر قول الله تعالى: وَفَاكِهَةً وَأَبًّا فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب؟ ثم رجع إلى نفسه وقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر ؛ يعني لماذا تسأل؟! الأبّ قد ذكره الله تعالى وذكر أنه نبات؛ ولكن لا نسأل عنه، وإن كانت الكلمة عربية.
وقال عبد بن حميد وعبد أيضا له تفسير حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال: كنا عند عمر بن الخطاب وفي ظهر قميصه أربع رقاع فقرأ: وَفَاكِهَةً وَأَبًّا فقال: ما الأبّ؟ ثم قال: إن هذا لهو التكلف فما عليك ألا تدريه.
وهكذا روى أنس عن عمر رضي الله عنه ذكر أنهم كانوا عند عمر وكان خليفة، ومع كونه خليفة فإنه كان زاهدا؛ ولذلك لا يخلع الثوب حتى يرقع بعدة رقاع حتى يكون فيه رقاع، فهاهنا ذكر أن في قميصه أربع رقاع؛ يعني: إذا تمزق جعل فيه رقعة ثم رقعة؛ حتى روي في بعض الأحاديث أنه لبس قميصا فيه أربع عشرة رقعة مع قدرته على أن يلبس ثيابا جددا، تورع في هذا وقال: ما يضرك أن تجهله، ما عليك ألا تعرف الأبّ.
يقول: وهذا كله محمول على أنهما رضي الله عنهما إنما أرادا استكشاف علم كيفية الأبّ؛ يعني: كيفيته وماهيته؛ وإلا فكونه نبتا من الأرض ظاهر لا يجهل، ويعني المتحقق أن الأبّ نبات؛ لأن الله تعالى قال: فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا فكل هذه نباتات وكلها معروفة، وأكثر المفسرين على أنه الأعشاب، العشب المختلف الذي تأكله الدواب.