إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
90718 مشاهدة
الرجوع في أي علم لأهله

يقول: والناس في هذا الباب طرفان: طرف من أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله، لا يميزون بين الصحيح والضعيف فيشكون في صحة الأحاديث الصحيحة أو في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعا بها عند أهل العلم.
وذلك لعدم صناعتهم للحديث ومعرفتهم بطرقه، وإنما يقيسون الأحاديث بآرائهم فما يوافق آراءهم يجزمون بصحته ولو كان ضعيفا، وما لا يوافقها يجزمون بأنه غلط أو ضعيف ولو كان صحيحا؛ فليسوا من أهل الحديث. تجدون هذا كثيرا في كتب المتكلمين، قد يجزمون بالحديث أنه صحيح مع كونه ضعيفا، وبالعكس يضعفون الحديث الذي لا يوافق آراءهم مع كونه صحيحا ولكل صنعة، فالمحدثون صنعتهم الحديث يعرفون به، وهؤلاء المتكلمون صنعتهم العقول ما يوافق عقولهم يقبلونه.
يقول: وطرف ممن يدعي اتباع الحديث والعمل به، كلما وجد لفظا في حديث قد رواه ثقة، أو رأى حديثا بإسناد ظاهره الصحة، يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته، حتى إذا عارض الصحيح المعروف؛ أخذ يتكلف له التأويلات الباردة، أو يجعله دليلا له لمسائل العلم، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط.
يحدث أن كثيرا من الذين لم يكن الحديث صناعتهم يرى أحدهم رواية في حديث قد حكم العلماء بأنها غلط ثم يصححها ثم يتكلف في الجمع بينها وبين الروايات، أو يجعلها صفة من الصفات.
يذكرون من صلاة الخوف أمثلة كثيرة، لكن الصحيح منها خمس صفات، لكن بعض العلماء كلما روى أو وقف على رواية فيها نوع مخالفة جعلها سادسة، ثم يرى رواية أخرى هي نوع مخالفة يسيرة ويجعلها سابعة وثامنة وتاسعة، فيجعل هذه الصفات متعددة وهذا غلط، نقول: إنها محصورة مثلا في خمس صفات، وإن هذه الرواية محمولة على أن هذه اللفظة غلط من بعض الرواة، فلا تجعل صفة أخرى، ولا يتكلف فيها.
وهكذا مثلا أحاديث الإسراء، وقع في كثير منها غلط، فيرى بعضهم رواية تخالف رواية أخرى، جعل الإسراء مرتين والمعراج مرتين، ثم يرى رواية أخرى فيها شيء من المخالفة، فيجعل المعراج ثلاث مرات، ثم يرى رواية أخرى فيجعل المعراج أربع مرات، وهكذا وذلك لعدم معرفتهم بصنعة الحديث، فالأولى أن نقول: هذه غلط فيها هذا الراوي؛ أبدل لفظة بدل لفظة أو هذه منام وليست هي المعراج أو ما أشبه ذلك.